خالد طوقان: نتوقع تشغيل المفاعل النووي الأردني في 2023

10 سبتمبر 2014
طوقان يحذر من مفاعل ديمونا الاسرائيلي (العربي الجديد)
+ الخط -
حذّر رئيس هيئة الطاقة الذرية الاردنية من مخاطر مفاعل "ديمونا" والاشعاعات النووية الاسرائيلية. وتوقع، في حوار خاص مع "العربي الجديد"، تشغيل أول محطة نووية في الأردن عام 2023 بكلفة 10 مليارات دولار، بغرض توليد الكهرباء، فإلى الحوار:
* كيف تنظر الى مستقبل الطاقة النووية العربية والعالمية وهل ستكون بديلاً عن النفط لغاية توليد الطاقة والاستخدامات الأخرى؟

لا بد للدول من ان تدخل قطاع الطاقة النووية كأحد البدائل المعول عليها لتوليد الطاقة الكهربائية أو أن تتوسع هذه الدول في استخدام الطاقة النووية كمصدر من مصادر الطاقة، كما هو الحاصل في دول جنوب شرق آسيا.
إذ إن التقدم والتطور الصناعي يتسارع في معظم دول العالم، وهذه الآلة الصناعية بحاجة الى طاقة ثابتة ودائمة، منافسة اقتصادياً وصديقة للبيئة.
وكذلك، فإن الطاقة النووية ضرورية مع ظهور المؤشرات الاقتصادية والإحصائية بتزايد عدد السكان والاستهلاك الكبير من الطاقة الكهربائية المولد معظمها باستخدام الوقود الاحفوري، المؤثر سلباً على البيئة وصحة الانسان لما يطلقه من غازات الكربون والنيتروجين وغيرها، وذلك الى جانب محدودية مصادر الطاقة الاحفورية عالمياً.
اما الدول العربية فأعتقد أنها في طريقها الى امتلاك الطاقة النووية، فهناك تفكير جدي لكثير منها بامتلاك الطاقة النووية وبعضها قد مضى قدماً في امتلاكها.

* أين وصلتم بالمشروع النووي الأردني الذي يدور الحديث عنه منذ عدة سنوات؟

أنهت اللجان المحلية المختصة بالتعاون مع شركات عالمية وخبراء مختصين الدراسات والأعمال التحضيرية الخاصة باختيار التكنولوجيا النووية المناسبة للأردن، وذلك باختيار العرض الروسي من شركة (روز أتم) من بين عروض تقدمت بها شركات عالمية أخرى، وقد وافق مجلس الوزراء على اتفاقية تطوير المحطة النووية الأردنية (PDA) مع شركة (روس آتوم) الروسية ولمدة سنتين، وسيوقعها الطرفان في موسكو مطلع شهر سبتمبر/أيلول 2014. وتتضمن الاتفاقية دراسات الأثر البيئي والبنية التحتية والطرق وحالة شبكات الكهرباء وقدرة شبكة الكهرباء الوطنية على استيعاب الطاقة الناتجة من المحطة.
وتشمل ايضاً دراسات تفصيلية عن الموقع، وكلفة الكهرباء المولدة وسعر بيعها للشبكة الوطنية. وتقدر كلفة الدراسات خلال مدة الاتفاقية بنحو 64.86 مليون دولار تمولها الحكومة باعتبارها دراسات خاصة بالاردن.
كذلك يجري التفاوض والمشاورات مع الجانب الروسي الآن من أجل توقيع اتفاقية بين الحكومة الأردنية والروسية (IGA)، وجوهر هذه الاتفاقية تحديد آليات دعم حكومتي البلدين لمشروع المحطة النووية.
وموضوع تزويد المحطة بالوقود النووي ومعالجة الوقود المستنفد الناتج من المحطة.
وستكون محطة الطاقة النووية الأردنية الأولى بمفاعلين اثنين، طاقة كل واحد منهما 1000 ميغاواط، ومن المتوقع تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2023، يليه تشغيل المفاعل الثاني بعده بعامين.
والجانب الروسي سيستثمر بنسبة 49.9% من كلفة المحطة، وستتابع هيئة الطاقة الذرية خلال العامين المقبلين من خلال شركة عالمية متخصصة، وهي شركة "كيبكو" الكورية بعد اختيارها من بين عدة شركات تقدمت لهذه الغاية لتنفيذ الدراسات التفصيلية للموقع، بما في ذلك الاثر البيئي للمحطة، بالإضافة إلى تحديد متطلبات العمل اللازمة لإنشاء المحطة. *كم تبلغ تكلفة انشاء المحطة النووية؟ الحكومة اختارت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي شركة (روس آتوم) الروسية، المناقص المفضل، لتنفيذ أول محطة نووية في الأردن بالاعتماد على العرض المقدم من الشركة بكلفة 10 مليارات دولار اميركي أي بحدود 7 مليارات دينار اردني، ولمفاعلين، وكذلك تم تحديد موقع " قصر عمرة" رسمياً لإقامة هذه المحطة.

* هناك احتجاجات متواصلة في الاردن على المشروع، كيف تعاملتم معها؟

في بعض الأحيان تصدر الاحتجاجات نتيجة عدم وجود معرفة كافية لدى البعض في الطاقة النووية وفوائدها وخصائصها المختلفة، وينجلي ذلك حينما يتم التوضيح العلمي وبيان الحقائق العلمية المرتبطة بهذا الامر، وهذا ما حصل ويحصل في الأردن، الا أنه ومع ذلك تبقى قلة تناهض استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء لأسباب لا تقنع إلا أصحابها، لكن في نهاية المطاف سيعلو رأي الأغلبية والرأي العلمي والمصلحة العامة.

* هل تواجهون ضغوطاً دولية وإقليمية، وخصوصاً من اسرائيل بشأن إنشاء المفاعلات؟

أن إدخال الطاقة النووية وامتلاكها في أي دولة ليس بالأمر السهل، سواء على المستوى المحلي أو الخارجي، لما لذلك من بعد من حيث الامن والأمان النووي، الا أنه وحتى الآن لم يواجه الأردن ضغوطاً دولية أو إقليمية جراء إطلاق المشروع النووي الأردني، ونأمل الا يكون ذلك لأن خيار الأردن نحو امتلاك الطاقة النووية هو من أجل الحياة.
وفي ما يتعلق بإسرائيل، فهي لا تريد الخير للأمة العربية فكيف لها ان ترغب لنا بامتلاك تكنولوجيا عصرية، فهي ترغب أن تبقي الشعوب العربية متخلفة عن الركب الحضاري التكنولوجي العصري.
لكننا لم نواجه حتى الآن اية معارضة رسمية مباشرة من الجانب الإسرائيلي في ما يتعلق بالبرنامج النووي الأردني، إلا أننا نتوقع ذلك ، فنحن نعي أنها لا تريد للبرنامج النووي الأردني وبخاصة مشروع محطة الطاقة النووية أن يرى النور، ولكنْ لكل حادث حديث.

* ما أهمية المفاعلات التي تسعون إلى إنشائها واستخداماتها؟

هناك نوعان من المفاعلات النووية حسب الاستخدام، الأول لتوليد الطاقة الكهربائية، وهو أحد البدائل المثبتة للمنافسة عالمياً، حيث يوجد حالياً بحدود 430 مفاعلاً نووياً في 31 دولة في العالم تستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية، حيث يولد 370,000 ميغاواط كهرباء من هذه المفاعلات النووية.
ومن جانب آخر هناك أكثر من 70 مفاعلاً نووياً تحت الإنشاء والتخطيط، وأكثر هذه المفاعلات، التي تبنى حالياً في جنوب شرق آسيا، ذات الاقتصاد المتنامي.
أما بالنسبة إلى الأردن فإن استخدام المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء هو أحد الخيارات المطروحة بقوة نظراً لعدم توفر الوقود الأحفوري في الأردن بأشكاله المختلفة، واستيراد الأردن لحاجته من الطاقة من الخارج يصل إلى نسبة 97% من تلك الاحتياجات.
اما النوع الآخر من المفاعلات النووية من حيث الاستخدام، فهو المفاعلات النووية البحثية التي تستخدم لإجراء البحوث العلمية والتعليم، وبعضها لإنتاج النظائر المشعة، حيث يوجد في 56 دولة في العالم حالياً أكثر من 240 مفاعلاً نووياً بحثياً.
ويواصل الأردن متابعة إنشاء مفاعل نووي بحثي بتكنولوجيا نووية كورية، بقدرة 5 ميغاواط يقام في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية ليستخدم لأغراض التدريب، والتعليم وإجراء البحوث، وإنتاج النظائر المشعة وبخاصة المستخدمة للطب النووي، ومن المتوقع تشغيل هذا المفاعل منتصف عام 2016.

*ما هي كلفة المفاعل النووي البحثي؟

في ما يتعلق بكلفة انشاء المفاعل النووي البحثي، فهي بحدود 130 مليون دولار، قدمت الحكومة الكورية المنفذة للمشروع من خلال الائتلاف الكوري اكثر من 70 مليون دولار قرضاً ميسراً يسدد على مدى 30 عاماً بفائدة رمزية 0.2% وفترة سماح 10 سنوات.

* هل لديكم كميات كافية من اليورانيوم لتشغيل المفاعلين؟

بعد انهاء الحكومة لاتفاقية تعدين اليورانيوم مع شركة أريفا الفرنسية، واصل فريق عمل أردني أعمال الاستكشاف السطحي والاستكشاف العميق بإشراف 7 من الخبراء العالميين المختصين في هذا المجال بقيادة الخبير الاسترالي الدكتور مرات ابزالوف، وقد توصل الفريق بعد العمل الاستكشافي المنظم والممنهج الى نتائج مرحلية حول تقديرات مصادر اليورانيوم في منطقة وسط الاردن وفي مساحة تقدر بنسبة 40% من المساحة السطحية الكلية الخاضعة للاستكشاف في تلك المنطقة تؤكد على تواجد اليورانيوم في منطقة وسط الأردن بكميات تجارية ستعتمدها الشركات المختصة الراغبة في الاستثمار في اليورانيوم الاردني.

* ما هي المخاطر الناتجة من المفاعلات الإسرائيلية ديمونا، وهل يمكن أن تصل إشعاعاتها للدول المجاورة كالأردن؟

الوضع النووي الاسرائيلي يكتنفه الغموض. نحن نعي أن اسرائيل تمتلك السلاح النووي، لكن ما يعقّد الامور هو عدم سماحها للمفتشين الدوليين بمراقبة منشآتها النووية، فهي عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الا انها لم توقع على معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية وما تبعها من اتفاقيات صدرت ذات علاقة، فلو انها تسمح بالتفتيش لأطمأن العالم على الأقل والدول المجاورة بعدم خطورة مرافقها النووية، إذ إن ديمونا هو مفاعل نووي بحثي قديم، وبناؤه قديم، وبذلك ربما يسبب مخاطر بيئية كبيرة إذا حصل حادث ما، خصوصاً أنه ما زال يحتوي على مواد مشعة أو نفايات نووية مخزنة فيه.

* هل تقومون بعمليات رصد للإشعاعات الصادرة عن مفاعلات إسرائيل؟

بكل تأكيد، الأردن وخلال السنوات الماضية كان وما يزال يرصد المستوى الإشعاعي للمملكة باستمرار، لكنه وحتى الآن لم يسجل أية ارتفاعات لافتة للنظر للمستوى الإشعاعي الصناعي في البيئة الأردنية، وفي بعض الأحيان كانت تسجل أجهزة الرصد الاشعاعي البيئي الأردنية قراءات الا انها ليست خطيرة، ولربما يكون لذلك أسباب فنية كثيرة، فالفضاء العالمي مفتوح.
المساهمون