"كنت موجوع كثير، بس مكنتش خايف، حاولوا يخنقوني بالغاز المسيل للدموع، ويمنعوا الناس من الوصول الي"، بهذه العبارات وصف الطفل خالد شتيوي ما حدث معه عقب إطلاق النار عليه من قبل جنود الاحتلال يوم الجمعة الماضي.
وخالد (11 عاماً) من قرية كفر قدوم شرق مدينة قلقيلية، شمال الضفة الغربية المحتلة، كان يشارك كعادته في كل أسبوع، في مسيرة أهالي القرية لمطالبة سلطات الاحتلال بفتح الشارع الرئيسي المغلق منذ اندلاع أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية مطلع عام 2000.
وعند أحد المباني، نصب جنود الاحتلال كميناً للمشاركين في المسيرة، ويصف خالد لـ"العربي الجديد" ما حصل "تصاوبت برصاصة وسقطت على الأرض، شعرت بألم كبير، حاولت التحرك والمشي فلم أقدر، طلبت المساعدة وصرخت لكن جنود الاحتلال أطلقوا المزيد من الرصاص، وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، شعرت بالضيق والاختناق، إضافة إلى ألم الرصاصة التي أصابت قدمي".
وينتظر الطفل الفلسطيني الذي واجه رصاصات الاحتلال، عملية جراحية في مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس، ويصر على مواصلة السير للمطالبة بفتح شارع قريتهم، عندما يتماثل للشفاء.
كمين الجنود وأصل الحكاية
يقول مراد شتيوي، والد خالد والمتحدث باسم مسيرة كفر قدوم لـ"العربي الجديد": "بعد صلاة الجمعة، توجهنا للمشاركة بالمسيرة السلمية باتجاه الشارع المغلق، لم نلحظ أي تواجد لجنود الاحتلال في المكان، لكننا فوجئنا بجنود ينصبون كميناً للأهالي، وبدأوا بإطلاق النار".
وأضاف "مع غزارة الرصاص حاول الجميع الهرب، سقط خالد على الأرض وبدأ يصرخ ويتألم ويطلب المساعدة، حينها كثف جنود الاحتلال إطلاق الرصاص باتجاه كل من يحاول الوصول إليه لمساعدته". أصيب خالد برصاصة من نوع "التوتو" وهي متفجرة ومحرمة دولياً، سببت له كسراً وتهتكاً في العظام، وهو بحاجة لعملية جراحية لتثبيت الكسر بالبلاتين وإزالة العظام المفتتة.
حاول جنود الاحتلال قدر استطاعتهم منع كل من يريد إسعاف الطفل المصاب، الذي يتألم ويعاني من الاختناق من قنابل الغاز التي أطلقت قربه، حتى تمكن أحد النشطاء من الوصول إلى خالد محاولاً إسعافه، لكن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص عليه وأصابوه في الفخذ.
الإصرار على أنقاذ الطفل
"فوجئت بعد تفرق المسيرة بأن طفلاً مصاباً يبكي ويستغيث ويطلب المساعدة"، قال مشهور جمعة (45 عاماً)، والذي أطلق عليه جنود الاحتلال الإسرائيلي النار أثناء محاولته إنقاذ الطفل شتيوي وأصابوه في الفخذ.
وأضاف جمعة "دفعني صراخ الطفل وآلامه للمغامرة، وصلت إليه تحت كثافة الرصاص والغاز المسيل للدموع، وفور وضع يدي عليه محاولاً حمله أصبت برصاصة في ساقي، لكن هذا لم يمنعني من إنقاذ الطفل". وتابع "كان لدي عزيمة وإرادة كبيرة لإنقاذ ذلك الشبل، تمكنت من سحبه وأنا مصاب رغم سقوطي على الأرض، تمكنت بعدها بمساعدة بعض الشبان من نقله إلى سيارة الإسعاف".
وأكد جمعة أن مسيرة كفر قدوم السلمية ستستمر رغم كل محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي قمعها. وأضاف "سنواصل حتى آخر قطرة دم لدى الشعب الفلسطيني وفي كفر قدوم، لن نستسلم وسنحقق مطالبنا".
شتيوي البطل على مواقع التواصل
حظيت الصور ومقاطع الفيديو التي نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتعاطف الفلسطينيين مع الطفل خالد شتيوي، وإعجابهم ببطولة جمعة الذي أصر على إنقاذ خالد رغم منع جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وانتشرت التغريدات والمنشورات الفلسطينية التي تظهر جريمة الاحتلال الإسرائيلي، وجنوده الذين تعمدوا إطلاق الرصاص على طفل في الحادية عشرة من عمره، واصفة الطفل شتيوي بالبطل والشاب جمعة بالشجاع.
اقرأ أيضاً: إصابات برصاص الاحتلال في مسيرات الضفة الأسبوعية