قبل وقت قصير، كان لدى خالد النصر (25 عاماً) أحلام كثيرة. لكنّه اليوم، فقد الأمل في كلّ شيء. لم يعد يحلم بمستقبل جميل ومستقرّ. لطالما حلم بعملٍ يؤمّن له راتباً شهرياً وتكوين أسرة. هو شاب فلسطيني يعيش في مخيم عين الحلوة للاجئين في منطقة صيدا (جنوب لبنان). يكاد لا يعرف مكاناً غير المخيم. وُلد وعاش فيه ولم يغادره حتى اليوم.
لم يجد النصر عملاً جيداً بعد. هكذا تمضي الأيام من دون أن يكون قادراً على تحقيق شيء. يقول إنه درس الميكانيك، وكان متفوّقاً في المدرسة. لكنّ الظروف المادية حالت دون التحاقه بالجامعة. بدلاً من ذلك، درس الميكانيك في أحد المعاهد التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (أونروا) وتخرّج منه في عام 2009. بعد تخرّجه، بحث عن عملٍ في مجال تخصّصه، علماً أنه كان متقبّلاً لخيارات أخرى. هو يدرك جيداً أن احتمالات إيجاده فرص عمل ضئيلة كونه فلسطينياً. لكن مرّ الوقت وفقد الأمل. لاحقاً، عمل مع أحد التنظيمات في المخيم، وصار يتقاضى راتباً يقدر بـ 170 دولاراً فقط.
يشير إلى أن ظروف عائلته المادية صعبة. وفي وضع كهذا، لا يستطيع الزواج، وإن كان يرغب في تكوين أسرة. لكنّه لا يريد أن يُفاقم مشاكله، إذ أنه بالكاد يستطيع تدبر أموره. كذلك، قرّر العمل لدى أحد بائعي الخضر في سوق المخيّم ليوم أو يومين في الأسبوع. يتقاضى نحو عشرة دولارات عن كلّ يوم عمل.
ما زال يسعى للبحث عن عمل في مجال تخصّصه من دون أية نتيجة. يشعر أنّ السياج الموجود حول المخيم يخنق الشباب الفلسطينيّين الراغبين في العمل وبناء مستقبل. إلّا أنّ القوانين التي وضعتها الدولة اللبنانيّة جعلت فرص الحصول على عمل ضئيلة، ما يزيد من نسبة البطالة بين الشباب. ولأن الخيارات محدودة، يمضون نهاراتهم في شوارع المخيّم، بعضهم يبحث عن أية فرصة، من دون أن يحالفه الحظ. في المقابل، يفكّر آخرون في الهجرة، ويتمنون لو أنّهم لو يولدوا في لبنان.
لا يختلف حالُ النصر عن حال الكثير من الشباب الفلسطينيين الذين ملّوا البحث عن عمل وقد ملّوا أيضاً قضاء يومهم في أزقة المخيم. لم يعد يحلم بذلك المستقبل الجميل الذي لطالما حلم به. يقول إن يكبر، "وأمثالي الذين لا يملكون عملاً أو بيتاً لن يستطيعوا حتى إطعام أنفسهم. لحسن حظّي أنّني أعيش في منزل والدي المتواضع في المخيم". يشير إلى أن راتباً يقدّر بنحو 230 دولاراً لا يكفي أي إنسان. فكيف يبني مستقبلاً ويتزوج وينجب أطفالاً؟