وقال الفالح، الذي عين وزيرا للطاقة خلفا لوزير النفط المخضرم علي النعيمي، إن ذلك ربما يساعد على تسريع وتيرة الإصلاح وإعادة هيكلة الاقتصاد ويدفع حكومة المملكة لتكون أقل حجما وأكثر كفاءة ويطلق قدرات القطاع الخاص.
وخلال عقود، كانت السعودية، القائد الفعلي لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تستهدف مستويات معينة لأسعار النفط. في حال عدم رضاها عن الأسعار، تعمل على ترتيب اتفاق لزيادة أو خفض الإنتاج لإعادة الأمور في سوق النفط إلى نصابها.
لكن الأمور تغيرت هذه المرة. فللمرة الأولى خلال عقود، لم يكن خفض الإنتاج على الأجندة لمواجة تنامي تخمة المعروض العالمي من النفط، والتي ساهمت السعودية في خلقها من خلال زيادة الإنتاج لدفع منتجي الخام المرتفع التكلفة مثل شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة للخروج من السوق.
وللمرة الأولى أيضا منذ عقود، تم تعيين أحد أفراد الأسرة الحاكمة، وهو الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، قبل ذلك بأشهر قليلة للإشراف على سياسات المملكة النفطية، كما أطلق تغييرات شاملة.
وخلال المنتدى السالف الذكر، وجه سؤال للفالح: "ألا تعتقد أن الأمير محمد بن سلمان، الذي يبلغ من العمر 30 عاما فقط، يفعل ذلك كله بوتيرة سريعة للغاية بالنسبة إلى المجتمع السعودي المحافظ بشكل عام"؟
وأجاب الفالح: "الأمير طموح جدا فيما يريد أن يرى السعودية عليه في أقرب وقت. أستطيع أن أؤكد لكم أن كل من يعملون معه متحمسون جدا بفعل رؤيته ويستمدون نشاطهم من طاقته".
وتابع: "كان بعض الناس قلقين من أننا كنا متباطئين جدا في الماضي.. كعداء سابق أقول لكم إن القفزات تساعد على بناء قوتنا. (لذا) نقوم بتسريع وتيرة الإصلاح".
وقال المسؤولون التنفيذيون لدى مغادرتهم للمنتدى إن الأمر بات واضحا أن الفالح سيصبح قريبا وزيرا للنفط، ويرفع تقاريره إلى الأمير محمد بن سلمان، الذي سيتحول سريعا ليصبح أقوى شخصية فاعلة في قطاع النفط العالمي.
وبعد ذلك بثلاثة أشهر، سنحت للأمير محمد بن سلمان الفرصة ليظهر قوته حينما أمر وفدا سعوديا برئاسة النعيمي بعدم الموافقة على اتفاق عالمي لتثبيت الإنتاج مع دول من أوبك وروسيا.
واتهم أعضاء من منظمة أوبك النعيمي، الذي قال بداية إنه يحبذ الاتفاق، بأنه لم يعد يمتلك السلطة. وبعد ذلك بثلاثة أسابيع، تم إعفاء النعيمي من منصبه أمس السبت، وأصبح الفالح وزيرا للطاقة.
وقال غاري روس المراقب لشؤون أوبك ومؤسس بيرا للاستشارات، ومقرها نيويورك: "إنها نهاية حقبة حارب النعيمي خلالها بصلابة وكافح لخلق بيئة للأسعار تكون ملائمة للمستهلكين والمنتجين معا".
وأضاف: "نتحرك صوب حقبة جديدة، حيث لم تعد أوبك تتحكم في السوق، بل ستحدد قوى العرض والطلب الأسعار. تعتقد القيادة النفطية السعودية الجديدة أن السوق ستملي السعر، وهذا يعني زيادة التقلبات. سنرى ارتفاعات وانخفاضات حادة".
دوافع الإصلاح
أدار النعيمي - المولود في عام 1935 - عدة تخفيضات وزيادات في إنتاج أوبك منذ توليه منصب وزير النفط في 1995.
وشهد النعيمي الموظف السابق في أرامكو، والذي ترقى حتى وصل إلى منصب رئيس مجلس الإدارة، هبوط أسعار النفط إلى نحو تسعة دولارات للبرميل خلال الأزمة المالية الآسيوية في نهاية التسعينيات، ثم صعودها إلى حوالي 147 دولارا في 2008، قبل تراجعها إلى 36 دولارا بعد عدة أشهر من انهيار بنك ليمان براذرز.
وأضرت الشائعات عن السماح للنعيمي بالتقاعد السوق على فترات في السنوات الأربع السابقة.
وتنقل الفالح، الذي ولد في الرياض، وتلقى تعليمه في الولايات المتحدة والمرشح منذ فترة طويلة لخلافة النعيمي، بين عدة مناصب من رئيس مجلس إدارة أرامكو إلى وزير الصحة حتى عين أمس وزيرا للطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ليرأس وزارة جديدة عملاقة.
وتولى الفالح مهام منصبه الجديد في بيئة سوق أكثر تحسنا عن يناير/كانون الثاني الماضي، حيث تعافت الأسعار بقوة من 27 دولارا للبرميل التي سجلتها ذلك الشهر إلى نحو 45 دولارا الأسبوع الماضي بفعل اعتقاد بأن السوق بدأت تتوازن بفضل انخفاض الإنتاج في الولايات المتحدة.
والتحق الفالح، المولود في عام 1960، بأرامكو في 1979، ودرس الهندسة في جامعة تكساس في الولايات المتحدة في 1982 في إطار برنامج نفذ برعاية الشركة.
وربما يعرف الفالح جميع المدراء التنفيذيين في قطاع النفط العالمي، حيث كان المفاوض الرئيسي في المبادرة السعودية للتطوير المشترك لموارد الغاز مع شركات الطاقة العالمية في أوائل عام 2000.
وعلى مدى العام السابق، حينما كان علي النعيمي ينتقي كلماته بحرص أو لا يعلق على الإطلاق، أصبح الفالح أعلى صوتا في وجهة نظره القائلة إن سوق النفط تحتاج إلى إعادة التوازن من خلال أسعار منخفضة، وإن السعودية لديها الموارد التي تمكنها من الانتظار.
وقال ريتشارد مالينسون من إنرجي أسبكتس: "لا يشير ذلك حقيقة إلى شخص سيستثمر الكثير من الوقت والطاقة في محاولة تقريب وجهات النظر المختلفة لأعضاء أوبك".
ويرى الفالح أن خلق الوظائف والإصلاحات الاقتصادية أكثر ما يقلق الحكومة السعودية في هذه الأيام، وليس مستويات أسعار النفط.
ونقل عنه قوله في دافوس في يناير/كانون الثاني الماضي: "تستغرق هذه التحولات أحيانا سنوات، وأحيانا أخرى عقودا. ستمنحنا المستويات الحالية المنخفضة لأسعار النفط حافزا لتسريع وتيرة ذلك".