في الوقت الذي انشغلت فيه كل وكالات الأنباء العالمية بأخبار العمليات المناهضة للجيش المصري في سيناء، والتي تبنّتها "كتائب بيت المقدس"، غاب التلفزيون المصري عن الحدث لفترة، وهي تعد مفارقة غريبة على الإعلام الذي فرض حداداً على وفاة الملك السعودي الراحل، وكان على مستوى الحدث لحظة بلحظة.
وفي الوقت الذي كان المتحدث العسكري يعدد إنجازات الجيش في مكافحة الإرهاب في سيناء، والتي طال انتظار المصريين ليلمسوها على أرض الواقع، في محاولةٍ لتبرير التقصير الأمني الواضح هناك، وذلك حسب الناشطين على مواقع التواصل، انتشرت أنباء الهجمات في سيناء، وسقوط عدد غير مسبوق من الضحايا من الجيش المصري وصل لقرابة خمسين جندياً، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، مع سخونة الأحداث، وكانت سخونة المشاركات والحوارات، والتي احتوت على الأخبار والتعليقات المتعلقة بالأحداث الدامية في شبه الجزيرة المصرية.
وشارك الجميع في التعليق على الحدث، وإن اشتركت معظم التعليقات في تعبيرها عن المفاجأة من حجم الحدث، وعدد الضحايا من جنود الجيش المصري، ولكن اختلفت التعليقات بين المؤيدين والمعارضين للنظام، من حيث إلقاء اللوم أو الهجوم على المتسبب في الكارثة.
فأنصار النظام كالعادة يضعون كل معارضيهم في سلة واحدة، كلهم إرهابيون يجب اجتثاثهم من فوق الأرض. وأول أعداء الوطن في نظر مؤيدي السيسي عقب كل عملية نوعية مضادة للجيش المصري في سيناء هو حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، والتي كانت الاتهامات لها جاهزة بدعم الجهاديين في سيناء. وقام البعض بالرد على هذه الاتهامات، فقال الشاعر عبد الرحمن يوسف: "اللي بيتهم حماس بتدبير تفجيرات سيناء.. مش رئيسك عمل منطقة عازلة؟ مأمنش البلد ليه؟ ولا هي حجج؟ دم ولادنا وإخواتنا في سيناء في رقبتكم".
وكعادته دائما، كان الفنان خالد أبو النجا محط انتقادات وجدل الناشطين، وفي مرمى نيرانهم، ونموذجاً لقمع الرأي الآخر من قِبل مؤيدي السيسي. هكذا غرّد أبو النجا قائلاً: "لا أرى نهاية النفق المظلم من إرهاب أسود من ناحية وحلول أمنية فقط من ناحية، ده غير إعلام الامنجية... على السيسي إن اراد حقن الدماء التنحّي فوراً".
وقد أعيد تغريد ما كتبه أبو النجا أكثر من 700 مرّة. ولاقى ترحيباً كبيراً من كل معارضي النظام الحالي. "عندنا جيش مش عارف يحمي نفسه خللي الكبير يتنحّى". فيما غرد آخرون بالقول: "صحيح الكبير لازم يمشي". أما أسماء فقالت: "يجب أن نعيّن خالد أبو النجا ناطقاً باسم الثورة".
لكنَّ قسماً آخر من المغردين، هؤلاء المناصرين للنظام فأطلقوا حملة هاجموا فيها أبو النجا، وطالبوه فيها بالصمت: "انت بتهاجم السيسي والأبطال بتموت في سينا؟" سأله أحدهم. وقال آخر: "اسكت أحسن وخليك باللي انت بتعمله".
وغرّد شاب يدعى أحمد عادل: "يا اخي يعني الجنود بتموت وانت بتقول الحلول الأمنية ما تنفعش؟ وعايز مصالحة طبعا مع الاخوان وتقولهم احنا آسفين طب انعِ الجنود الأول"... وتابعت موجة الهجوم والشتائم على أبو النجا متهمة إياه بقبض الأموال... وبانتمائه السري لجماعة الإخوان المسلمين. وهاجمه الصحافي عمرو حمدون قائلاً: "بدل ما خالد أبو النجا يزايد على الناس هو والمبرراتية، ينزلوا يقولوا للإخوان إن مرسي مش راجع، ونتقابل بعدها ده لو فضل عايش"، وقالت ناشطة أخرى: "هو خالد أبو النجا غبي منه فيه، قالك السيسي يستقيل عشان الإرهابيين يبطلوا يفجروا..".
ودفاعاً عنه خرجت تغريدات كثيرة بينها: "خالد قال ان السيسي لازم يتنحى حقنا للدماء ، تعقيبا منه على ما حدث بسيناء ، الاعلام ساب سيناء والشهداء وفشل المنظومة ومسكوا في خالد". وكتبت شيماء: "الله يحرقكو ، ماتسيبو الناس تعبر عن نفسها ، هو كان شال سلاح؟".
أما الصحافية ياسمين محفوظ فأعربت عن دهشتها من هذا الجدل الحاصل حول تغريدة أبو النجا، وقالت: "التايملاين بقى كله عن خالد أبو النجا.. والكل بيشتم، يعني محدش عارف ينتقد من غير خوض في أعراض"، وأيدها آخر: "الرد على خالد أبو النجا مش بالشتيمة يا بهوات، الرد يكون بعمليات قوية ضد بؤر الإرهاب".
ودافعت تيريزا جبران عن خالد قائلة: "لو انتوا شايفين خالد أبو النجا وحش، طيب ما هو انتم لما تسيبوا كل حاجة وتمسكوا في تويتة قال فيها رأيه، تبقوا فاضيين للوكلوك"، ووافقتها أخرى: "وطلع إيه بقى في الآخر، إن خالد أبو النجا هو اللي قتل الجنود بتويتاته، إنما ولا في تقصير أمني في حماية الجنود، ولا في زفت، يلعن أبو تخلفكم".
وأول رد إعلامي جاء على لسان خيري رمضان في برنامجه ممكن على "سي بي سي" حيث قال لأبو النجا: ":"أنا مش مسامحك ولا بحترمك، فدماء الشهداء لم تجف حتى الآن، ووجب عليك أن تقدم واجب العزاء أولاً، وأنت استفزتني إلى أقصى حد، فدماء الشهداء لم تبرد حتى الآن".