وطالب الإعلامي السعودي، الذي منع من الكتابة في المملكة، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإطلاق سراح رجال الدين السعوديين الإصلاحيين المعتقلين قبل حملة "مكافحة الفساد"، ودعاه إلى التحالف مع الإخوان الذين هم، بحسب الخاشقجي، الحليف الطبيعي للحملة ضد الفاسدين، مشيراً إلى تحالف الملك السعودي الراحل، فيصل بن عبد العزيز، مع الإخوان، خلال فترة حكمه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
كلام خاشقجي جاء خلال ندوة نظّمها "المركز العربي ـ واشنطن دي سي"، فرع "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، أمس الخميس، في العاصمة الأميركية، تحت عنوان "زلزال في الرياض... التداعيات الإقليمية والدولية". الندوة ناقشت التطوّرات التي شهدتها السعودية في الأسبوعين الماضيين، وتداعيات حملة الاعتقالات التي طاولت مئات الأمراء ورجال الأعمال تحت شعار "محاربة الفساد". وقد شارك في الندوة الباحث في مركز "بايكر" للسياسات كريستيان كوتس، وأدارها خليل الجهشان، المدير التنفيذي للمركز العربي.
وطرح الجهشان، في مستهل الندوة، عدداً من الأسئلة حول الأسباب الحقيقية وراء الحملة ضد الفساد في السعودية؛ ما هي دلالات اعتقال شخصيات كبيرة؟ وأثر ذلك على الأوضاع العامة في السعودية وعلى السياسات داخل العائلة الملكية الحاكمة؟ وما هو دور المؤسسة الدينية؟
وفي إجاباته على الأسئلة الكثيرة حول ما يجري في السعودية، وتوقعاته بشأن مسار الأحداث، قال الخاشقجي إن "غالبية السعوديين، وخصوصاً الأجيال الشابة، تؤيد محاربة الفساد، ويعتبرون أن ما يقوم به ولي العهد السعودي هو الأمر الصحيح، لكنه يقوم بذلك بطريقة خاطئة". وأشار الخاشقجي إلى غياب الشفافية عن حملة الاعتقالات، ومنع الصحافة السعودية من مواكبتها وتسليط الضوء عليها من أجل إطلاع الرأي العام على حقيقة ما يجري.
وعن التداعيات الاقتصادية لحملة بن سلمان، قال الخاشقجي إنها قد ترسل إشارات إيجابية للمستثمرين، لكن غياب الشفافية يُثير الشكوك حول مستقبل الاستثمار في السعودية، مشيراً إلى حالة الذعر التي يعيشها رجال الأعمال السعوديون، الخائفون على مستقبل أعمالهم، وما إذا كان سيف محاربة الفساد سيطاولهم أيضاً، وكذلك ذعر عشرات آلاف العاملين في الشركات التي اعتقل أصحابها في حملة بن سلمان بشأن مسقبل وظائفهم في تلك الشركات.
وقال الخاشقجي إن على ولي العهد السعودي التركيز أكثر على حل قضية البطالة، التي تعتبر التحدي الأكبر لاقتصاد المملكة في المستقبل.
من جهته، أشار الباحث الأميركي كريستيان كوتس إلى أن السعودية التي عرفناها منذ عام 1973 لم تعد موجودة مع قضاء محمد بن سلمان على دور الحرس القديم في آل سعود: "الحملة ضد الفساد في الداخل وزيادة المغامرات في المنطقة مؤشرات على تغيّر معادلة القوة".
وحذّر كوتس مؤيّدي حملة محمد بن سلمان من رفع سقف التوقعات بشأن نجاحه في تنفيذ خطة الإصلاح والقضاء على الفساد وتطبيق رؤية 2030 التي وعد بها. وقال الباحث الأميركي إن الصعوبات التي تقف أمام ذلك هي أكبر مما يتصور الأمير السعودي الشاب، مشيراً إلى ردة فعل أصحاب المصالح المستفيدين من الوضع الذي كان قائماً.
كذلك توقّع كوتس مزيداً من الإخفاقات السعودية على مستوى السياسة الخارجية، وقال إنه سيكون من الصعب على محمد بن سلمان مواجهة الخطر الإيراني من خلال حرب المليشيات وتكتيكاتها التقليدية، لأن إيران لديها خبرة كبيرة في هذا النوع من الحروب، وأثبتت حروب سورية والعراق واليمن في السنوات الماضية قدرة إيران الكبيرة على المناورة.
وقال الباحث الأميركي إن بن سلمان أخطأ في تقدير قدرة إدارة دونالد ترامب على مواجهة التمدّد الإيراني، وقام بخطوات في السياسة الخارجية ستؤدي إلى تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة.