لم يعثر رامي عطية على بيته في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة. أضاعه تماماً. لكنه عاد ليجد ركامه في حفرة كبيرة صنعتها جرّافات الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان. وقف أمام بقايا منزله كصنم. بدا عاجزاً عن الحراك. يقول "قصف الاحتلال البيوت بمن فيها وحولها إلى ركام. جرف الأرض والأشجار. لقد أخفى معالم أشياء كثيرة".
في شارع المنصورة الذي يؤدي إلى بيت عطية، بيوتٌ أحرقت ودمرت تدميراً شبه كلي، وأخرى سوّيت بالأرض تماماً. مشهدٌ يكاد يكون صورة مصغرة لما أصاب آلاف المنازل في حي الشجاعية.
لم ينهِ أيمن اليازجي بعد، سداد الأقساط المالية الخاصة ببيته الذي لم يعد موجوداً. علماً أنه كان قد تضرر أيضاً في عدوان 2012، وأعاد تشييده رغم شح مواد البناء وارتفاع ثمنها. ركض أطفاله نحوه. سألوا والدهم عن سبب تحويل عالمهم الصغير إلى ركام. سألوه أيضاً عن غرفهم الملونة. يقول "قبل نحو شهر من بدء العدوان، كنت أستقبل الناس لتهنئتي بمنزلي الجديد. واليوم، لا يسعهم إلا مواساتي".
في الوقت الذي كان فيه اليازجي يقف على أطلال بيته، كانت فرق الإسعاف بصحبة الجرافات تنتشل ثلاثة شهداء مجهولي الهوية من أسفل بيت أضحى رماداً. يقول شهود عيان إن "الشهداء قضوا في منتصف الشهر الماضي. لكن طواقم الدفاع المدني لم تتمكن من الوصول إلى المنطقة نظراً لكثافة القصف الذي شهدته".
سيطر الحزن على وجه أم محمد الغول، وهي تحاول إخراج بعض الملابس والأغراض من بين ركام بيتها الذي تضرّر بشكلٍ كلي بفعل القذائف التي تساقطت على المنطقة التي تقطنها.
تصف الغول ما حلّ بالحي بـ "الزلزال". تقول لـ"العربي الجديد" إنه "منذ الأيام الأولى للعدوان، تعرّضت منازل المواطنين القريبة من الحدود لقصف من الطائرات الحربية، فنزحت إلى المناطق الداخلية للحي المنكوب".
وتضيف: "بعد أيام تصاعدت وتيرة التهديدات بضرورة إخلاء الحي من السكان. بدأ القصف العشوائي الذي طال كل شيء، فهربنا تاركين جثث الشهداء في المنازل والشوارع".
تطغى رائحة البارود على أزقة حي الشجاعية. فيما يسعى بعض المواطنين إلى البحث عن مفقوديهم بواسطة معدات بسيطة، بعدما عجزت طواقم الدفاع المدني عن الدخول بسبب الحفر الكبيرة الناتجة عن الصواريخ، وركام البيوت في الشوارع الفرعية.
وكان الاحتلال قد ارتكب مجزرة مروعة في الشجاعية، مما أدى إلى استشهاد نحو مائة فلسطيني.