حين يشكو وزراء 8 آذار من قياداتهم

10 فبراير 2014
+ الخط -
في غرف قوى 8 آذار اللبنانية المغلقة، شكاوى وانتقادات لقرارات القيادات الحزبية. الرعب الذي يصيب الشارع اللبناني بكل مكوناته من جرّاء الانفجارات المتتالية والمتنقلة، وصلت شظاياه إلى سياسيين كانوا يعتبرون أنفسهم بمنأى عن أي خطر. المخاوف من ترك المواقع الوزراية في ظل التشاورات غير منظورة الأفق لتشكيل حكومة جديدة، تطرق باب كل وزير. هي فوضى، والوزراء أصبحوا أفراداً يخافون العبث بحياتهم... ومصالحهم.

أحد وزراء حزب الله ينتقد، في اتصال هاتفي مع زميله الحكومة، عدم قدرته على السفر من لبنان. "ممنوعون من السفر بقرار من القيادة"، يقول الوزير بتأفف. ويضيف: "لن أستطيع السفر، سأرسل من يمثلني إلى المؤتمر". وزير الحزب الذي عينه حزب الله في أكثر من موقع وزاري، لا يرى أي مانع في السير بحكومة المداورة السياسية، أي انتقال الوزارات بين الأحزاب المسيطرة وفق مداورة طائفية. علماً أن قيادة حزب الله التي يخضع الوزير لقراراتها، ترفض بشكل قاطع هذا الطرح الذي يتمسّك به رئيس الحكومة المكلف تمام سلام. ويقول: "لمَ التمسك بهذه الوزارة أو تلك، نريد الانتهاء من هذه الأجواء المكهربة"؟.
هذا الموقف الذي يعلنه الوزير على الملأ، يشير إلى حقيقة ما يفكر فيه وزراء حزب الله. فمبدأ المداورة أطلقه رئيس مجلس النواب، نبيه بري ورئيس الحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط منذ حوالي 10 أشهر. وبري هو رئيس حركة أمل وحليف حزب الله الدائم. يريد بري المداورة ليحصل على وزارة الطاقة بدلاً من ذهابها الى التيار الوطني الحر بقيادة النائب، ميشال عون. والأخير هو حليف "استراتيجي" لحزب الله أيضاَ. إلا أن حليف "المصلحة" يختلف عن حليف "المذهب". وإن كان عقل حزب الله يميل الى عون وغطائه المسيحي، إلا أن قلبه يميل دوماً إلى بري، رفيق السلاح والشارع.
يعتبر الوزير، المنتمي إلى حزب الله أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان، مثل رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، "لا يمتلكان شجاعة السير بحكومة أمر واقع من دون موافقة كل الأطراف ومنها عون". وخلال لقائه، لا يترك الوزير الحزبي مناسبة إلا ويتحسّر فيها على موقعه الوزاري: "يمكن أن أترك الوزارة اليوم"، "لا أعلم إن كنتُ سأعيَّن في الحكومة المقبلة"... يردد بشكل متواصل. وعندما يتحدث مع أي شخص لتحديد المواعيد، ينهي حديثه قائلاً: "إذا بقيت وزيراً".
الارتباك نفسه يسيطر على مكتب أحد وزراء التيار الوطني الحر. إلا أنه في هذا المكتب، تسود أجواء تؤكد أن الوزير لن يعود إلى الوزارة ولا إلى الحكومة. ماذا ستفعل بعد تشكيل حكومة جديدة؟ يجيب الوزير: "لا أعلم، سأعود إلى مهنتي السابقة، وقد أترشح إلى مقعد في البرلمان". يتحدث الوزير العوني عن قرارات قيادته الخاطئة في ما يتعلق بالإصرار على وزارة الطاقة، لا بل تحديداً الإصرار على إبقاء هذه الوزارة بيد "صهر الجنرال" أي الوزير جبران باسيل. الأخير له حصته الكبيرة في الانتقادات: "كيف يمكن تحويل قضية النفط إلى قضيّة مذهبية؟ هذا التوجه خاطئ ومسيء جداً"، يردد الوزير العوني. يقول إنّ "باسيل تعرض فعلاً لحملة، تريد نزع وزارة الطاقة من يده، إلا أنّ التصريحات المذهبية تؤجج الحملة ولا ترفد هذه القضية بمواقف منطقية". الانتقادات تمتد الى وزراء غير جبران باسيل، ذلك أنّ "أحد الوزراء العونيين أراد القضاء على الفساد في البلد، إلا أنه لم يستطع السيطرة على الفساد في وزارته"،  و"وزير آخرعيّن ليتبين أنه عبارة عن فضيحة"... على حد تعبير الوزير العوني نفسه. وعن الموقف من رئيس الحكومة المكلّف، يتفق وزيرا "حزب الله" و"التيار الوطني" على أنّ تمام سلام "لن يشكّل حكومة أمر واقع"، ذلك أنه "أقل جرأة من الإقدام على هذه الخطوة".

الوقت قد يطول، والوزير العوني لا يمانع في إعطاء انطباع بأنه يعلم أن الحكومة لن تتشكل قريباً، بعكس وزير حزب الله، الذي تسير قيادته على خيط رفيع،  فيما يمسك عون طرفاً من الحبل، وبري الطرف الآخر... أما قيادة الحزب، فما لها سوى انتظار نتائج الحرب التي تشنها على السوريين، والخوف من التفجيرات التي وصلت إلى عقر دارها، ودار اللبنانيين.

المساهمون