صباح 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 استفاق اللبنانيون على خبر انتشر على تطبيق واتساب يفيد بتوقيف الممثل زياد عيتاني بتهمة العمالة لإسرائيل. الخبر/الصدمة لم يتأخّر في التحوّل إلى تهمة ثابتة التصقت بزياد حتى قبل صدور الحكم القضائي. ثلاثة عناصر ساهمت في تشويه سمعة الممثل المسرحي اللبناني: جهاز أمن الدولة الذي حقّق مع زياد، وسائل الإعلام المحلية، ومواقع التواصل الاجتماعي. ما هي إلا ساعات بعد إلقاء القبض على عيتاني والتحقيق معه، حتى بدأت تتسرب معلومات من التحقيق، لتفجّر وسائل إعلامية مقربة من "حزب الله"، الملف، من خلال نشر حرفي لمحاضر التحقيق. تلقفت مواقع التواصل ما نشرته وسائل الإعلام هذه، وهاجمت عيتاني، وأصدرت حكمها السريع: "زياد عميل للعدو الإسرائيلي".
وسائل إعلامية مقربة من حزب الله تلقت محاضر التحقيق ونشرتها كاملة، وأصدرت حكمها بناءً على هذه التحقيقات لتقول إن عيتاني عميل.
الأداء الأمني لوسائل الإعلام هذه، واستخدامها من قبل جهاز، للترويج لما قيل إنه إنجاز وطني كبير حين تم توقيف عيتاني، فتح الباب أمام باقي الصحافيين والإعلاميين اللبنانيين، لإطلاق العنان لمخيلتهم: صحيفة محلية تنشر صورة الممثلة الإسرائيلية غال غادو على اعتبارها ضابطة الموساد التي جندت عيتاني، والقنوات المحلية تستضيف أصدقاء الممثل المسرحي ليتبرأوا منه في مشاهد تلفزيونية بدت كوميدية أكثر منها تراجيدية. ومواقع وصحف محلية تتسابق على استضافة محللين عسكريين للحديث عن أهمية هذا الإنجاز، إلى جانب تحليلهم للعوامل التي أوقعت بزياد عيتاني.
الإعلامي جو معلوف وفي برنامجه "هوا الحرية" على شاشة LBCI، خصص فقرة طويلة جداً عند إلقاء القبض على زياد، للكشف عن معلومات قال إنها حصرية، لأسماء أخرى متورطة أيضاً. وأخبر المشاهدين عن "رحلة القبض على عيتاني" مردداً رواية جهاز أمن الدولة وتسريباتها، التي يبدو أنها وزعت، بشكل مخالف للقانون، على مختلف وسائل الإعلام. يوم أمس عاد معلوف ليكتب على حسابه على "تويتر": "الاعتذار من #زياد_عيتاني من واجب من فبرك الملف وألصق به التهمة. لا ذنب للشعب اللبناني إذا وضع ثقته بأجهزته الأمنية وضبّاطها والضرر ليس من مسؤولية النّاس. لم نعد نثق بسهولة بما يَصِلُنا خاصة أن ملف عيتاني الذي سرّب كانَ مُحكَما ومُفَصّلا".
Twitter Post
|
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن نقطة التحوّل الإعلامية في ملف زياد عيتاني، كانت سلسلة التقارير (عددها 3) التي نشرها الصحافي فداء عيتاني على مدوّنته الخاصة، تضمّنت تفاصيل مرعبة لتعذيب زياد وانتزاع اعترافاته تحت التعذيب والتهديد في أقبية جهاز أمن الدولة. كما كان فداء عيتاني أول من تحدّث عن ارتباط هذه القضية بموضوع إقالة المقدّم سوزان الحاج حبيش من رئاسة مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. هنا بدأ التعاطف يبرز وعلامات استفهام كثيرة تظهر بشكل تدريجي، حول إمكانية وجود رواية أخرى، مختلفة تماماً عن رواية أمن الدولة.
يوم أمس إذاً تبدلت الصورة في غضون ساعات على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والإعلام بعد تغريدة لوزير الداخلية نهاد المشنوق يؤكد فيها براءة زياد عيتاني، واستدعاء سوزان الحاج حبيش إلى التحقيق بتهمة فبركة الملف.
Twitter Post
|
بعد إعلان المشنوق براءة عيتاني، بدأ الناشطون بالضغط على القضاء للتحرك إثر فضيحة جهاز أمن الدولة، وتصدّر وسم #زياد_عيتاني قائمة الأكثر تداولاً في لبنان. هكذا اعتذر المئات من أصدقاء عيتاني علناً منه، معترفين بأنهم أمعنوا بالتشهير به ومحاكمته من دون الأخذ بالاعتبار بأن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته".
Twitter Post
|
Twitter Post
|
Twitter Post
|
Twitter Post
|