تتحدث مصادر موثوقة في غزة، لـ "العربي الجديد"، عن أنّ العلاقة بين حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين وإيران وصلت إلى الحد الأكثر تدهوراً على خلفية أزمات المنطقة، وآخرها الحرب اليمنية، ورفض "الجهاد" إصدار بيان يؤيد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن، ويهاجم "عاصفة الحزم". حتى إن المصادر تشير إلى أنّ إيران أوقفت الدعم المالي الذي تقدمه للجهاد منذ فترة، ما أدى لأزمة مالية خانقة في أطر الحركة التنظيمية سياسياً وإعلامياً على الأقل، ما منعها من دفع رواتب واستحقاقات عناصرها المفرغين في الفترة الماضية. ولا تجزم قيادة الحركة في بيروت بوجود خلاف مع إيران من عدمه، وتضع الأزمة التي تعاني منها "الجهاد" في سياق "الأمر الطبيعي"، ضمن إصرارها على "ألا تكون طرفاً في أي محور"، على حد تعبير مسؤول العلاقات السياسية في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، شكيب العنا.
وتشدد المصادر في غزة على أنّ التوتر الحالي بدأ مع بداية عملية عاصفة الحزم، حيث كان الإيرانيون يتوقعون إصدار موقف من الجهاد يرفضها ويدينها، لكن "الجهاد" التزمت الصمت والحياد، ظناً منها أنّ موقفها الحيادي من الثورة في سورية، والذي قبلته إيران في حينها، قد يصلح مع هذا الملف.
لكن إيران، بحسب المصادر ذاتها، لم تقبل بحياد "الجهاد" وطلبت إصدار موقف صريح يؤيد "الحوثيين"، ويدين السعودية وعمليتها العسكرية ضدهم؛ وهو ما رفضته قيادة "الجهاد" نهائياً وتحت أي مبرر، وأصرت على أن يكون موقفها حيادياً وصامتاً.
غيرّ أنّ الذي زاد التوتر منذ البداية، هو توزيع خبر على لسان عضو المكتب السياسي لـ "الجهاد" في غزة، نافذ عزام، روّج له "راديو طهران" ويزعم إدانة وتنديد الحركة بـ "عاصفة الحزم"، ويشن هجوماً على السعودية. وتسارع التوتر حينما أصدر المكتب الإعلامي لحركة "الجهاد الإسلامي" في غزة، المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمين العام رمضان شلّح، بياناً صحافياً ينفي الكلام المنسوب إلى عزام، ويؤكد أنّ الأخير لم يتحدث لأحد عن الأوضاع في اليمن، كما أنّ "الجهاد" ملتزمة الصمت حيال ما يجري في المنطقة العربية. ونقل البيان عن عزام قوله إنّ حركة الجهاد الإسلامي ملتزمة بعدم التدخل مطلقاً بما يجري في اليمن، أو المنطقة العربية.
اقرأ أيضاً: "حماس" و"الجهاد": تقارب لا وحدة
وتتوقع المصادر في غزة، أنّ يتدخل حزب الله لإعادة العلاقة بين "الجهاد" وإيران إلى مسارها الصحيح، إن لم يكن بدأ هذا التدخل فعلاً منذ فترة، ويعتقد أنّ هذه الأزمة في العلاقة بين الجانبين، طارئة وستجد طريقها للحل، وخصوصاً أنّ إيران لا يمكن أن تخسر الحركة.
وفي ردّه على استفسارات "العربي الجديد"، أكد مسؤول العلاقات السياسية في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، شكيب العنا، أنّ "موضوع الأزمة داخل الحركة يأخذ حيّزاً أكبر من حجمه في وسائل الإعلام"، مشيراً إلى أنّ الحركة ملتزمة سياسة الصمت تجاه هذا الملف ولا تريد التعليق. وشدّد على كون الجهاد الإسلامي "حريصة على ألا تكون طرفاً في أي محور؛ وذلك للمحافظة على وحدة القضية والعداء للكيان الإسرائيلي"، مضيفاً أنّ "أزمات مماثلة يجب حلّها بعيداً عن الإعلام، ولم نتلق في الأساس أي موقف أو تعميم من قيادة الحركة يثبت صحة هذه المزاعم". وفي الوقت عينه يقول العنا إنه في حال صحّت هذه المزاعم، فإنها "تكون في سياق طبيعي نتيجة الحصار المفروض وعدم توفر السيولة، وصعوبة مدّ الحركة بالدعم على مختلف أنواعه"، وهو الأمر الذي يمكن تفسيره على نحو خاطئ من قبل البعض.
اقرأ أيضاً: أزمة لجنة المعابر: التفاهمات على المحك ووساطة "الجهاد" بخطر