تطورات ثلاثة تتجسد أولاً بفتح معركة قوات فجر ليبيا مع تنظيم "داعش" قرب المنطقة المعروفة بـ"الهلال النفطي"، وهو ما من شأنه، بحسب مراقبين، أن يبطل اتهامات موجهة إلى "فجر ليبيا" بالتستر على "داعش" أو حتى "التحالف الضمني" معه.
ثانياً تعيين قائد عملية الكرامة، اللواء خليفة حفتر، قائداً عاماً للجيش الذي يأتمر بأوامر حكومة عبد الله الثني ومجلس نواب طبرق. خطوة من شأنها أن تسهّل الحوار في المغرب وفي غير المغرب، على اعتبار أنّها يمكن أن تخفف من الانقسامات التي ظهرت جلية في صفوف الوفد المفاوِض باسم حكومة الثني، وهي الانقسامات التي كشفت مصادر "العربي الجديد" أنها تُرجمت سابقاً بعجز أعضاء الوفد عن تقديم تفويض مكتوب للموفد الأممي برناردينيو ليون، يخوّلهم باتخاذ القرارات في جلسات المفاوضات، أكان في جنيف أم غدامس أم اليوم في المغرب.
أما التطور الثالث والمهم الذي يُفترض أن يؤدي دوراً ميسِّراً للحوار قرب الرباط، فهو إعلان "المؤتمر الوطني"، أول من أمس الخميس، عن استعداده الدخول في حكومة "وحدة وطنية" مع حكومة وبرلمان طبرق، وهو ما تزامن بدوره مع قرار حكومة طبرق، وقف الغارات الجوية على العاصمة طرابلس، مقر حكومة عمر الحاسي. معطيات ثلاثة واكبها الثني بمواصلة جهوده للسير قدماً بمشروع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تأسيس قوة عربية مشتركة "تتجاوز الحدود الجغرافية للدول المهددة أمنياً"، وفق ما قاله لـ"العربي الجديد" من عمّان، على الرغم من أن كل المؤشرات تفيد بصعوبة حصول تقدّم جدي في هذا المشروع الذي سيكون أمام القمة العربية المقررة في مصر، نهاية الشهر الحالي.
اقرأ أيضاً: عبدالله الثني لـ"العربي الجديد": لم يحصل تفاوض حول المصريين
وبالفعل، نقلت أوساط مشاركة في جلسة الحوار في الصخيرات، أجواء ارتياح ولو نسبياً في جلسات يومي الخميس والجمعة، وتستمر مبدئياً إلى اليوم السبت بجمع وفدي "المؤتمر" و"طبرق" إلى طاولة واحدة بهدف الخروج بتوصيات تنص على تأليف حكومة وحدة وطنية، ونزع السلاح وسيادة الأمن، وإصدار "وثيقة دستورية". وعلمت "العربي الجديد" أن لهجة الوسيط الأممي ليون في كلامه مع ممثلي الوفدين كانت أقرب إلى الإنذار على اعتبار أن "حوار المغرب قد يكون فرصة أخيرة قبل انزلاق ليبيا إلى المجهول". وفي السياق "المتفائل"، صرّح الدبلوماسي الإسباني بأن الجلسة الأولى (الخميس) "تمت في ظروف إيجابية توحي بالرغبة في تجاوز المعيقات الموجودة"، مشيراً إلى أنه "رغم وجود الوفود في جلسة منفصلة داخل قاعتين، ولم يجتمع الأعضاء وجهاً لوجه، إلا أن لديهم رغبة في الوصول إلى حل سياسي".
وتجري محادثات السلام في المغرب، في خضمّ "هدوء حذر" في ليبيا، بعد إعلان حكومة طبرق، الخميس، وقف الغارات الجوية على طرابلس، للمساهمة في المباحثات الجديدة في المغرب. ويشارك في المباحثات ممثلو "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق)، الذي كان يرفض تنظيم جولات الحوار خارج الأراضي الليبية، قبل تغيير رأيه، وممثلو مجلس النواب المنعقد في طبرق الذي سبق له أن أعلن، الأسبوع الماضي، الانسحاب من الحوار، قبل أن يعود عن موقفه أيضاً.
اقرأ أيضاً: حكومة الثني تعتذر عن التهديد بقصف معبر "رأس جدير"
وأفادت مصادر مطّلعة على الحوار، لـ"العربي الجديد"، بأن "الجلسة الأولى خُصِّصَت للمؤتمر الوطني العام، الذي غاب عن مفاوضات جنيف، بينما خُصصت الجلسة الثانية، الجمعة، لممثلي مجلس نواب طبرق.
وتشير المصادر إلى أن "الخطوة الأولى تتمثل في إعلان وقف إطلاق النار بين الأطراف المتناحرة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، مع تسمية رئيس الوزراء ونائبه، على أن تنسحب الجماعات المسلحة من المدن في الخطوة الثانية، من أجل الانتقال للخطوة الثالثة التي سيتم البحث خلالها، في العملية الدستورية". وأكد ليون في تصريحات صحفية، أن "الأطراف الحاضرة في المفاوضات، مُلزمة بالبحث عن حلول وسط ترضي الجميع"، مشيراً إلى أنه "في حالة فشل المحادثات، فإن مستقبل ليبيا سيكون مجهولاً".
قبول المغرب طلب الأمم المتحدة باحتضان المشاورات الليبية، غير المحددة زمنياً، اعتبره مسؤولون حكوميون ومراقبون، "تعبيراً عن انخراط المملكة في البحث، تحت المظلة الأممية، عن حلّ سياسي للأزمة المستفحلة في ليبيا، بدلاً من الارتهان إلى حلول عسكرية دعت إليها بلدان أخرى".
وأكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، أن "المغرب لا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لكنه معني بأن تكفّ الأطراف المتناحرة في ليبيا عن التنازع، وذلك في إطار حلّ يضمن سيادة واستقلال البلاد، ويجنّبها التقسيم".
ولفت رئيس "المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية"، محمد بنحمو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المغرب لم يكن من قبل جزءاً من المشكلة الليبية، وبالتالي قد يكون أرضاً خصبة لحوار إيجابي، يسفر أقلّه عن نتائج ملموسة لتشكيل خريطة سياسية، للتوافق حول شكل الدولة وصيغة المؤسسات الدستورية في ليبيا".
اقرأ أيضاً: عودة الحوار الليبي... ورأس جدير مهدّد