يرى البعض، ومنهم نوابٌ في الكويت، أن الوافدين عبء على الدولة، بعدما زاد عددهم، لكن نشطاء وشخصيات حكومية يرفضون ذلك، وهناك من يحمّل الكويتيّين أنفسهم مسؤوليّة زيادة عدد الوافدين.
في الآونة الأخيرة، ضاق بعض أعضاء مجلس الأمة في الكويت، بالإضافة إلى نخب سياسيّة واقتصادية، ذرعاً بالوافدين الذين يشكّلون نحو 69 في المائة من نسبة سكان البلاد. وراح هؤلاء يحمّلون الوافدين مسؤوليّة جزء من الأزمة الاقتصادية في البلاد.
جمع عدد من النوّاب، على رأسهم الأستاذ في كليّة الحقوق عبد الكريم الكندري، التواقيع اللازمة لعقد جلسة خاصة وبحث مشكلة الوافدين في البلاد. لكنّ رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم رفع الجلسة بسبب عدم اكتمال النصاب، بعدما تعمّدت مجموعة من النواب والوزراء التغيّب عن الجلسة لإنقاذ الحكومة من الحرج.
وسعياً إلى طمأنة الوافدين، قال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، محمد العبدالله الصباح، إنّ كلّ ما يُثار عن ترحيل عشرات الآلاف من الوافدين غير صحيح وغير إنساني، ولن تبحث الحكومة به لأنّه غير معقول تماماً. وطمأن "الإخوة الوافدين" بأنّه حتى الآن، لم يطرأ شيء على هذا الملف.
وكانت النائبة في مجلس الأمة (البرلمان)، صفاء الهاشم، قد صرّحت في مؤتمر صحافي: "سأطالب بفرض ضرائب على الوافدين، حتى على الطرقات التي يستخدمونها، كما فعلت الإمارات العربيّة المتحدة". وأضافت أنّ "عدد الوافدين في الكويت يصل إلى ثلاثة في مقابل كل مواطن، وهذا أمر خطير جداً على التركيبة السكانية. كما أنّهم يشكّلون ضغطاً هائلاً على البنية التحتية والوظائف في البلاد، مع تنامي البطالة بين الكويتيين". وتابعت أنّ "الوافدين يحوّلون سنوياً 18 مليار دولار (أميركي) إلى بلادهم، من دون أن تحصل الكويت على أيّ شيء. وهناك 555 مستشاراً وافداً في القطاع الحكومي يتقاضون أكثر من أربعة ملايين دينار كويتي (أكثر من 13 مليوناً ومائة ألف دولار). وارتبطت الجرائم بالوافدين، خصوصاً تجارة المخدرات في مناطق معينة في الكويت. بالتالي، يجب على الحكومة أّلا توقّع اتفاقيات مع الحكومات الأخرى للسماح لمواطنيها بالعمل في الكويت، لأنّ مصلحة بلادنا أهم بكثير".
في المقابل، تقول الناشطة الحقوقيّة، شيخة العلي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الدعوة إلى ترحيل الوافدين بهذه الطريقة مقزّزة جداً، خصوصاً أنّها صادرة عن بعض أعضاء مجلس الأمة، الذين يفترض بهم أن يكونوا نخبة المجتمع، بدلاً من تشجيع النبرة العنصرية ضد أشخاص جاءت بهم الحكومة نفسها. وما قالته الهاشم يعدّ أمراً مخجلاً جداً". وتضيف أنّه "من ناحية إنسانيّة، فإنّ ترحيل الوافدين بهذه الطريقة خطأ ومستحيل من ناحية اقتصادية"، لافتة إلى أنّ سوق العمل في حاجة إلى عدد كبير من الوافدين. من جهة أخرى، فإنّ المواطن الكويتي لا يقبل العمل كسائق أو في شركات التنظيف وغير ذلك.
تشير منظمات حقوقيّة في الكويت إلى أنّ الحكومة بدأت بترحيل الوافدين الذين يرتكبون أدنى مخالفة، من قبيل تجاوز إشارة سير حمراء أو التورّط بجنحة تستوجب دفع غرامة ماليّة. وجاء في تقرير منظّمة "هيومن رايتس ووتش" السنوي عن الكويت أنّ "الوافدين يرحّلون لارتكابهم مخالفات بسيطة جداً، ولأسباب غير مفهومة". ويسمح القانون الكويتي لوزارة الداخليّة بإبعاد أيّ شخص عن البلاد، من دون شرح السبب، في إطار ما يسمّى بالإبعاد الإداري.
تفيد آخر إحصائيّة لـ الهيئة العامة للمعلومات المدنية بأنّ عدد الوافدين بلغ أكثر من ثلاثة ملايين و78 ألف شخص، أي 69.7 في المائة من سكان الكويت، في مقابل مليون و300 ألف مواطن، أي 30.3 في المائة من السكان. ويصف المؤرّخ الكويتي عبد الملك التميمي هذا الرقم بـ "الخطير". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "ارتفاع نسبة الوافدين إلى هذا الحدّ يُعَدّ أمراً خطيراً جداً من الناحية السياسية، ويعني أنّ المواطنين معرّضون للخطر في حال حدوث خلاف بين حكومة بلادنا وحكومات بلاد الوافدين".
من جهته، يقول الناشط الحقوقي، أحمد هندال، لـ "العربي الجديد" إنّ "عقليّة القرية والخوف من الآخر ما زالت تسيطر على عدد كبير من السياسيّين في الكويت. هؤلاء يرون أنّ كلّ شخص غريب وفد إلى الكويت طمّاع وراغب في السيطرة عليهم ونهب ثرواتهم". ويشدّد على "ضرورة حلّ مشكلة التركيبة السكانية في أسرع وقت ممكن، إنما من ضمن حدود العقل والمنطق"، لافتاً إلى أنّ "أسلوب حياة الكويتيين المترف، هو الذي أدّى إلى زيادة نسبة العمالة الوافدة". ويوضح أنّ "أكثر من 800 ألف خادم وخادمة يعملون في الكويت، أي بمعدّل ثلاثة خدم لكلّ أسرة، وهذا أمر خطير". ويتحدّث عن "مشكلة تجّار الإقامات النافذين، الذين تنحصر مهمّتهم في جلب الأشخاص من خارج البلاد، وتركهم في الشوارع في مقابل أخذ رسوم سنوية منهم".
تجدر الإشارة إلى أنّ قانون الكفالة في الكويت ساهم في تفاقم مشكلة "تجارة الإقامات". ويقول عدد من المراقبين إنّ شخصيّات نافذة في البلاد متورّطة في ذلك. ومن خلال شركات وهميّة، يُستقدم آلاف الموظفين سنوياً، ويدخلون الكويت بأسماء مزورة على أن تحصل الشركات منهم على نحو ألف دينار كويتي سنوياً (نحو ثلاثة آلاف و300 دولار). ويعمل هؤلاء بغالبيتهم كباعة متجوّلين أو متسوّلين أو في مهن أخرى غير نظامية. في السياق، يُذكر أنّ القانون الكويتي يمنع أيّ وافد إلى البلاد من الإقامة من دون أن يكون له كفيل كويتي، أو شركة كويتية ذات شخصية اعتبارية. وقد دعت منظمات إنسانية إلى إلغائه على غرار قطر.