حملة وطنية بتونس تجمع 3 ملايين دولار لمساعدة متضرري نابل

01 أكتوبر 2018
حملة التبرعات الوطنية في تونس لصالح متضرري نابل(العربي الجديد)
+ الخط -



أنهى التلفزيون الرسمي التونسي، منتصف ليل أمس الأحد، البث باستقباله مبلغ 1406 ملايين دينار تونسي (ما يقارب 600 ألف دولار أميركي) جمع من تبرعات المواطنين المباشرة لصالح المتضررين من الفيضانات التي اجتاحت نابل، تضاف إليه وعود فعلية بالتبرع ناهزت قيمتها سبعة مليارات و500 ألف دينار (نحو ثلاثة ملايين دولار). وتتواصل عملية تلقي التبرعات عبر حساب بريدي لغاية 13 أكتوبر/ تشرين الأول على أمل تجميع مبالغ كافية لرفع الأضرار الواقعة بالمنطقة.

وعلى امتداد يوم أمس، الأحد، فتحت التلفزة الوطنية بثاّ مباشراً متواصلا للتبرعات لفائدة المتضررين من الكارثة الطبيعية التي حصلت بمحافظة نابل، شمال شرقي البلاد، نهاية الأسبوع المنقضي. وتواترت التبرعات منذ العاشرة صباحا لغاية منتصف الليل لتنتهي بحصيلة "مرضية" من المساهمات الطوعية، وتكشف عن الانخراط الفعلي للتونسيين في مسار إعادة إعمار المحافظة المنكوبة.

وعج مقر التلفزة الوطنية ونقاط البث التي تركزت في 24 محافظة، بالاشتراك مع الإذاعة الوطنية والإذاعات الجهوية، بالسياسيين والفنانيين ورجال الأعمال والرياضيين الذين مدوا يد العون، علاوة على مساهمات قدمتها مؤسسات بنكية عمومية. ولم يتجاوز المبلغ المجمع من التبرعات المباشرة عبر البريد التونسي أو المراسلات القصيرة المليون و400 ألف دينار، وتعهد أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، بجمع مبلغ يقدر بسبعة مليارات دينار عبر اقتطاع حصيلة يوم عمل من العاملين والموظفين بكافة القطاعات.

وتبرع اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف) بمبلغ مائتي ألف دينار، وقدمت هياكل مهنية على غرار نقابة الصيادلة وهيئة المحاسبين ونقابة الصحافيين وجامعة كرة السلة وفنانين ورياضيين هبات مالية هامة. وقال نقيب الصحافيين ناجي البغوري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن النقابة تبرعت بعشرة في المائة من ميزانيتها لفائدة هذه الحملة التي تستهدف إعادة تهيئة محافظة نابل وجبر الأضرار الحاصلة بها جراء الفيضانات، معتبرا أن هذه المساهمة تعد واجبا على عاتق جميع التونسيين في مختلف القطاعات في التآزر والتضامن في ما بينهم. وثمن في هذا الصدد مبادرة التلفزة الوطنية في إعداد هذا الحدث في وقت وجيز لتوفير مساعدات مالية للمنكوبين الذين ينتظرون إجراءات عاجلة لفائدتهم، واصفا ذلك "بالدور الحقيقي للإعلام العمومي في التعبير عن هموم المواطنين وتكريس روح التضامن بينهم".


كذلك تكفل الاتحاد الوطني للمرأة التونسية بإعادة تاهيل قرية بدار الواقعة في ريف نابل. وأكدت رئيسة الاتحاد راضية الجربي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "منذ الساعات الأولى التي تلت الفيضانات بالجهة، انخرط فرع الاتحاد بنابل في تقديم المعونة، ولا سيما في الأرياف التي تضررت كليا من اجتياح المياه للمنازل وللمحاصيل الفلاحية والمرافق الأساسية". وأوضحت المتحدثة أن الاتحاد سيتكفل بقرية بدّار بنابل بالكامل علاوة على تقديم المساعدات العاجلة للمحتاجين إثر جمع التبرعات من كافة فروع اتحاد المرأة بكافة المحافظات.

ولا يعفي هذا التليتون الدولة من مسؤوليتها تجاه المواطنين المتضررين من هذه الكارثة الطبيعية. وعبّر وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي لـ"العربي الجديد"، عن تجند هياكل الدولة لإعادة تهيئة المنطقة بأسرع وقت ممكن. وأضاف الطرابلسي أن أولى المؤسسات التي تدخلت لمعالجة الوضع هي مؤسسات الشؤون الاجتماعية، وفي مقدمتها الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي الذي فتح مستودعاته لتقديم المساعدات العاجلة من أغطية وألبسة ومؤونة. وأشار إلى مواصلة الوزارة إحاطتها بالتلاميذ الذين فقدوا أغراضهم إثر اجتياح المياه لمنازلهم، لافتاً إلى تقديمها منحا مالية فورية لتعويض العائلات التي فًقدت موارد رزقها.


بالتوازي مع ذلك، تعمل لجنة لتقييم الأضرار وحصر الخسائر وقيمة التعويضات لينتفع منها المتضررون، بمساكن جديدة في حال تلف منازلهم، وتعويض خسائرهم المادية.

وعول الطرابلسي في حديثه لـ"العربي الجديد"، على مساعدة المواطنين بعضهم بعضاً، مذكرا بأن التجربة السياسية خلال النظام الدكتاتوري الذي عاشته البلاد اغتال فكرة التضامن والتبرع وسيّسها لفائدته، حتى أضحى التونسيون يترددون قبل دفع أموالهم، مبينا أن "تليتون الوطنية لفائدة نابل" كان فرصة لإحياء هذه الثقافة، ورأب الصدع بين التونسيين والدولة.


ولم يغب المجتمع الدولي عن هذه الكارثة، وقال وزير الاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري لـ"العربي الجديد"، إن بعثة دولية أوروبية ستزور تونس خلال الأيام القليلة المقبلة من أجل زيارة المحافظة المتضررة من الفيضانات الأخيرة، وتقييم الخسائر المادية لتخصيص اعتمادات مالية لمساعدة تونس في عملية إعادة الإعمار.

التلفزة الوطنية مكنت للتونسيين من التضامن في ما بينهم والتعجيل في إنهاء معاناة قاطني المحافظة المتضررة، مترفعين عن الاختلافات والتناحر السياسي والفكري الذي اعتادوه خلال السنوات الماضية. غير أن ذلك لا يغطي حقيقة أخرى كشفها المبلغ النهائي المتحصل عليه الذي لم يكن في مستوى المتوقع والمأمول، فواقع المعيشة والتضخم ومحاصرة مرتبات الموظفين باقتطاعات ضريبية متعددة الألوان والأشكال كل ذلك حال دون قدرتهم على تقديم يد العون بالقدر المناسب.