تشن قوات مشتركة من الجيش العراقي و"الحشد الشعبي"، منذ مساء أمس الثلاثاء ولغاية اليوم الأربعاء، حملات اعتقال عشوائية، طاولت عشرات المواطنين في مناطق حزام بغداد، فيما أكد ضابط بالجيش أن الحملة تأتي ضمن إجراءات احترازية وسيتم التحقيق مع المعتقلين ومن ثم إطلاق سراحهم.
وقال مسؤولون محليون في مناطق جنوب وغرب العاصمة بغداد، اليوم الأربعاء، إن الاعتقالات طاولت ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و50 عاماً، وإنها تمت وفقاً لانتماء الشخص الطائفي.
ووفقاً لمسؤول محلي في بلدة الرضوانية، جنوب غربي بغداد، فإن "الحملة بدأ تنفيذها بعد منتصف الليلة الماضية، عبر مداهمات عشوائية ليلية بمشاركة عناصر من الشرطة المحلية والحشد الشعبي، ترافقهم سيارات شحن كبيرة يقومون بجمع المعتقلين فيها ونقلهم الى معسكر قريب".
وبيّن أن "عمليات الاعتقال تتم عبر مداهمة المنازل وتفتيشها، وحدثت عمليات ضرب وشتم للمعتقلين كما سجل اختفاء ممتلكات لعوائل بعد تفتيش منازلها، من قبل تلك القوات"، مؤكداً أن عمليات الاعتقال تلك غير قانونية ولا تستند لأي مذكرات اعتقال.
وحول أعداد المعتقلين، لفت المسؤول إلى أنهم عشرات وتم اعتقالهم من مناطق الرضوانية وأبو غريب، وزوبع، وخمس بيوت، واليوسفية، وصدر اليوسفية، وقرى مجاورة أخرى.
من جانبه، أوضح عضو نقابة المحامين العراقيين في بغداد باسل السلماني، أنّ حملات الاعتقال تلك بالعادة تكون بأمر وتصرف انفرادي من قبل القائد العسكري المسؤول عن هذه المناطق وإشراك المليشيات فيها بمثابة تصريح بارتكاب جرائم وانتهاكات مضاعفة.
وأضاف السلماني، الذي تحدث عبر الهاتف من مدينة أربيل لـ"العربي الجديد"، أنّ "العديد منهم يطلق سراحه مقابل أموال لضباط الجيش، وآخرين يتم بهم إلصاق تهم لجرائم واعتداءات إرهابية تحت التعذيب".
ووصف حملات الاعتقال بأنها "ذات طابع طائفي لا يخدم السلم الأهلي بالبلاد، ويجب على رئيس الوزراء حيدر العبادي العمل على طمر تركة حكومة نوري المالكي، التي من أبرزها حملات الاعتقال العشوائية الطائفية".
وقال ناشطون ومنظمات إنسانية، إنّ "المعتقلين يتم أخذهم إلى جهات مجهولة ويختفون وبعضهم مختفون منذ نحو عشر سنوات، ولا يعرف مصيرهم ولا يعرف ذووهم إن كانوا أحياء أم أموات".
بدوره، اعتبر رئيس منظمة "لا عنف"، مروان الجبوري، أن "المشكلة في هذه الاعتقالات أنها تنفذ من قبل قوات مشتركة أخطرها مليشيات الحشد الشعبي"، لافتاً إلى أنه "يتم اعتقالهم ويؤخذون إلى جهات مجهولة ولا يستطيع حتى ذووهم معرفة مكانهم أو مصيرهم وحتى محاموهم في حال توكيل محامين للدفاع عنهم، لا يعرفون مصيرهم".
وبيّن الجبوري، لـ"العربي الجديد"، أنّ "مناطق حزام بغداد، وأبرزها التاجي والطارمية وأبو غريب والرضوانية وزوبع وجرف الصخر ومناطق أخرى، تعرضت لعملية منظمة وواسعة بدأت منذ عام 2003"، موضحاً أنّ "هدف هذه الحملات هو التغيير الديموغرافي ولا شيء آخر مبرر لها خاصة أنها من المناطق المستقرة أمنيا حالياً".
في السياق ذاته، أكد الشيخ سعد القره علي، أحد وجهاء مناطق حزام بغداد، أنه "وبعد منتصف ليلة أمس شنت القوات الحكومية ومليشيات الحشد حملة اعتقالات واسعة، وروعت السكان واعتقلت عشرات الشباب والرجال دون مذكرات قضائية ولا أسباب مقنعة".
وبين الحمزة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "مناطق حزام بغداد تتعرض منذ سنوات طويلة لحملة واسعة لتغيير واقعها الديموغرافي، وقد خسرنا آلافاً من الشباب والرجال الذين قتلتهم المليشيات المسلّحة فيما غيب آلاف آخرون في السجون ولا يعرف مصيرهم".
بحسب إحصائيات، فقد نزحت أكثر 60 ألف أسرة من مناطق حزام بغداد على مدار السنوات الماضية بسبب عمليات التصفية والاعتقالات العشوائية على يد القوات الحكومية.
وقال محللون، إن ما يجري في حزام بغداد هي عملية تغيير ديموغرافي واسعة ومنظمة تم الإعداد لها منذ عام 2003، لتغيير الصبغة الطائفية والديموغرافية لسكانها عبر إفراغها من سكانها الأصليين.