حماس واغتيال مازن فقهاء

06 ابريل 2017
+ الخط -
لا يختلف كثيرون على أنّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وبعد اغتيال القيادي البارز فيها، مازن فقهاء، عبر عملية أمنية لم تنكشف كثير من خيوطها حتى الساعة، وفي ظلّ التداعيات التي أعقبت العملية، ملزمة بشكل أو بآخر أن تقول كلمتها في هذه الجولة، إن لم يكن لكسب النقاط، فلوقف خسارتها على الأقل، لا نقول هنا مصطلح "الرد" إلا لتسهيل الحديث، فمثل هذا المستوى اللغوي في توصيف الأمور يعطي انطباعات خاطئة عن حقيقتها، ذلك أنّ ثمّة فرقا شاسعا بين قدرات الطرفين لا يصح معه بحال أن يتم الجمع بينهما على صعيد واحد، أحدهما يسدّد ضربته والآخر يرد عليها.
مع ذلك، تبقى حركة حماس مطالبة بعدم السماح لما جرى أن يمر من دون أن يكون لها كلمة لاعتبارات متعدّدة، تبدأ وبشكل أساسي من رغبتها في الحفاظ على الاستقرار الأمني في قطاع غزة، والذي تعتبره "حماس" الإنجاز الأبرز الذي تستهل به حديثها عن نجاح تجربتها في الحكم. ومن يتابع تصريحات قيادات الحركة بعد الحادثة، يلاحظ بوضوح أنّ التأكيد على ضبط الحالة الأمنية في القطاع هو العامل المشترك بين غالبية التصريحات، إلى جانب ذلك، هناك اعتباراتٌ تتعلق بضرورة إجبار الطرف الإسرائيلي على الالتزام بقواعد الاشتباك التي أقرّت بعد حرب 2014.
تعلم حركة حماس أنّ صمتها سيدفع إسرائيل إلى التمادي، وتجربة الرد الإسرائيلي على الصواريخ المجهولة النسب المنطلقة من القطاع لا زالت حاضرة في أذهان قيادة الحركة، فالصمت أدى إلى تزايد الغارات الإسرائيلية وصولاً إلى نقطة وجدت فيها الحركة نفسها ملزمة بتوجيه تهديدات شديدة اللهجة بأنّ صمتها لن يستمر طويلاً، ما دفع وزير الجيش الإسرائيلي ليبرمان، إثر هذه التهديدات، ليخرج ويؤكد أنّ طبيعة الرد وحجمه قد تغيّر، وسيكون خاضعا للتقييم، ولن يكون بمستوى واحد.
يضاف إلى هذه الاعتبارات التي تجعل من الرد على اغتيال فقهاء، من الضرورات لدى حركة حماس، هو خشيتها من أن يلحق الحدث الضرر بالمنظومة التي سعى فقهاء ورفاقه من مبعدي صفقة شاليط إلى غزة لبناء ومراكمة قواها في الضفة الغربية، هذا المشروع الذي لا يقلّ في أهميته الاستراتيجية عن أيّ عنصر من عناصر رؤية حركة حماس ومشروعها المقاوم، بل قد يتفوّق في أهميته على ما سواه من عناصر.
في ظلّ هذه الاعتبارات وغيرها، يصبح من البديهي أن نرى رداً لحركة حماس على هذه الجريمة، بغض النظر عن طبيعة هذا الرد ومكانه وحجمه، ولكن، ما تمرّ به المنطقة من متغيّرات يجب أن يدفع الحركة للتفكير جيداً في خياراتها.
حراك الإدارة الأميركية بشأن القضية الفلسطينية، والذي يكتنفه درجة عالية من الضبابية، تحت عنوان "صفقة ترامب" يضع الجميع في موضع الترّقب والانتظار.
هناك اعتقاد أنّ ثمّة صفقة إقليمية يتم التحضير لها، بدأ دخانها يتصاعد بشكل فعلي مع تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية عن أفكار جديدة لحل القضية الفلسطينية.
لاحقاً، تحدّث رئيس تحرير صحيفة هآرتس، آلوف بن، عن مفترق طرق يواجه نتنياهو بين التعاطي مع متطلبات ترامب وطبخة السلام الإقليمي التي يعدّ لها، وبين إرضاء النهم الاستيطاني لشركائه في الائتلاف الحكومي وعلى رأسهم نفتالي بينيت.
هذا المفترق بدأت معالمه بالاتضاح مع أول امتعاض، وإن كان بشكل متحفظ، تبديه الإدارة الأميركية الجديدة إزاء قرار الحكومة الإسرائيلية مصادرة أراضي في الضفة الغربية لصالح إنشاء مستوطنة جديدة بديلة عن مستوطنة عمونا.
هذه الرغبة الترامبية في إغلاق هذا الملف، يثير قلق حقيقي لدى نتنياهو ويجعل الخيارات مفتوحة أمامه للتهرّب من استحقاقات صفقة ترامب الموعودة بما في ذلك المواجهة مع قطاع غزة، والتي ربما يسعى إلى استجلابها وما يستتبع ذلك من بعثرة للأوراق وشراء مزيد من الوقت.
تستلزم هذه الجزئية بالتحديد التفكير الجاد من حركة حماس، وأن توازن بين مختلف عناصر المشهد، فتوّجه ردها مدفوعة باعتباراتها على اغتيال فقهاء، ولكن تتلاشى في الوقت نفسه ألغام نتنياهو وألاعيبه السياسية.
79F4AA93-8E79-4E64-9CF4-BDE6A9585D65
79F4AA93-8E79-4E64-9CF4-BDE6A9585D65
أحمد سمرة (فلسطين)
أحمد سمرة (فلسطين)