تستقبل المرأة الجزائرية عيد الفطر المبارك عادة بنشاط بالغ، توارثته البنت عن أمّها، والأم عن جدتها، فتشرع في تنظيف البيت بكل ما فيه، كما تحضّر أطباق الحلوى التقليدية الشهيرة استقبالاً للعيد.
المرأة الجزائرية تغسل أواني البيت قديمها وجديدها، كما تغسل الأثاث والفرش والأغطية، حتى النوافذ والجدران لا تسلم من ذلك، مباهاة بالنظافة، وتعبيراً عن شعورها الداخلي بحلاوة الصيام وفرحة الإفطار.
كما تشمّر عن ساعديها، أواخر رمضان، واصلة ليلها بنهارها، لتعدّ حلويات العيد على اختلاف أشكالها وألوانها وأنواعها، فمنها اللوزية، المصنوعة من اللوز، وجوز الهند، والبندق، ومن العجائن المختلفة المعسّلة والمسكّرة، وغيرها.
وتشتهر الحلويات التقليدية التي تعدها الجزائريات، كما تختلف تسمياتها، ومن أشهرها المقروط، وبعض الجهات والبلدان، كما في تونس، يسمونها (المقروض)، وكذلك حلوى كعب الغزال، ويسميها الجزائريون "تشاراك العريان" لأنها غير مسكّرة، وهناك "تشاراك" المسكّرة، داخلها لوز (محشوة باللوز) تغطيه قشرة رقيقة من العجينة، تغطيها طبقة من السكر المسحوق الناعم بطعم ماء الزهر، إلى جانب البقلاوة المعروفة عربياً وحتى عالمياً، وأنواع أخرى كثيرة ومتنوعة.
وتسعى أمهات كثيرات إلى دفع بناتهن الصغيرات لمساعدتهن لكي تورثهن عادات الجدات، وتدربهن على صناعة الحلوى وتصنيفها.
وتتغير نظرة المجتمع الجزائري لربة البيت التي لا تجهد نفسها بتحضير حلوى العيد بنفسها، فقد تكون محط انتقاد بين النساء قريناتها، ويشيع بينهن أن تلك السيدة ليست في مستوى أن تبني داراً وتفتح بيتاً، وتُنجب أولاداً وتربيهم. كما ينظر بعين الازدراء للمرأة التي تشتري حلوى العيد، من صانع الحلويات، من المخبز.
وتزيد فرحة المرأة الجزائرية، وهي تقدم أصناف حلوى العيد في بيتها، إلى جانب الشاي الأخضر والقهوة بالحليب في أجمل الأطباق، التي تضيف على الحلوى والمجلس جمالاً، تكريماً للزوار المهنئين بعيد الفطر، وسط الأدعية بتوفيق الله لهم بصيام رمضان وإتمامه، وبأن يكونوا من عتقاء هذا الشهر الكريم من النار، ما يضاعف فرحة العيد بفرحة الإفطار ولقاء الله وفقاً للقول "للصائم فرحتان يفرحهما، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه".
وكانت النساء الجزائريات يجتمعن عند إحدى الجارات أو القريبات في بيتها، وعادة ما يكون الاجتماع عند أكبرهن قيمة لجهة اتصافها بالحِلم والعطاء والإحسان للآخرين، ويشار إليها باللهجة الجزائرية (الدار الكبيرة)، فيصنعن الحلوى جماعة، ويقضين ليلة أو ليلتين، في صناعتها قبل العيد.
تتبادل المجتمعات السّمر عن طريق (البُوقالة)، وهي أن تسمر النساء في رمضان، خاصة في أحد البيوت وتُسمعهن إحداهن كلاماً منظوماً موزوناً ليس بالضرورة شعراً، وكل واحدة منهن تعقد في قلبها (تنوي) اسم أحد ما، وتكون تلك البُوقالة فألَه. بهذا يترافق تحضير حلوى العيد مع جو مبهج وفرحة عارمة، تدفعهن لإعداد الحلويات من دون الإحساس بالملل في تسام عن الأنانية والعزلة يذوب فيها الفردي ويقوى الجماعي.