حلم تنظيم الأسرة في الأردن

24 فبراير 2019
الزيادة السكانية كبيرة (أرتور ويداك/ Getty)
+ الخط -
ارتفع عدد سكان الأردن بحدود 256 ألف نسمة عام 2018، بمعدل نمو سكاني بلغ 5.3 في المائة، وفقاً للكتاب الإحصائي السنوي الأردني 2018، الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، ليصبح العدد الإجمالي للسكان (المقدّر) 10 ملايين و309 آلاف نسمة.

منذ إنشاء المجلس الأعلى للسكان في الأردن عام 2002، تسعى الحكومات المتعاقبة إلى نشر خطط وأفكار تنظيم الأسرة، في ظل الزيادة السكانية غير المتوائمة مع النمو الاقتصادي، بالتوازي مع التركيز على قضايا الصحة الأسرية. لكنّ هذه الجهود اصطدمت بأفكار بعض الفئات الرافضة، باعتبارها خططاً لـ"تحديد النسل" في الوقت الذي تكسرت فيه العديد من المخططات المعتمدة على "الإسقاطات السكانية" مع لجوء أكثر من مليون و300 ألف سوري إلى الأردن، 667 ألفاً منهم مسجّلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.




تقول منال علي، وهي أم لستة أطفال؛ أربعة ذكور وأنثيان، أكبرهم راية (17 عاماً)، وأصغرهم أحمد (5 أعوام): "بعد 18 عاماً من الزواج بتنا نقدّر أهمية تنظيم الأسرة، فالحياة لم تعد كالسابق، إذ إنّ الأسعار إلى ارتفاع، والمتطلبات في ازدياد، وما كان ترفاً ورفاهية قبل عشر سنوات أصبح اليوم ضرورة". تضيف لـ"العربي الجديد": "في السابق، كانت ثلاث غرف كافية لاستيعاب أسرة كبيرة، أما اليوم فلم يعد هذا يرضي الأبناء، بل يطالبون اليوم بملابس مختلفة، ووجبات جاهزة مكلفة، ولا تفارقهم الرغبة بالالتحاق بمدارس خاصة، كأبناء بعض الأقارب". تشير إلى أنّ راتب زوجها الذي يقترب من 500 دينار أردني (700 دولار أميركي) موزع على إيجار البيت، والمواصلات وفواتير الكهرباء، والغذاء، وغيرها من متطلبات الحياة، ولا يكفي أسرة بحجم أسرتها. تتابع: "بالكاد تستطيع العائلة الإنفاق على ثلاثة أبناء. وربما لو عادت بي الأيام فسأكتفي بعدد أقل من الأبناء. لكن، على كلّ حال، الحمد لله، فالرزق على الله".

ما يحدث في بيت منال، يحدث في الأردن عموماً، وتحاول الدولة المحافظة على حدّ مقبول من النمو السكاني، خصوصاً في ظلّ محدودية الموارد الاقتصادية والبطالة المرتفعة والمديونية العالية، والطلب المتزايد على الخدمات، في وقت فاقمت فيه الهجرات الاضطرارية، كالأزمة السورية، من المشكلة السكانية في الأردن.

تقول مديرة المشاريع في المجلس الأعلى للسكان في الأردن، سوسن الدعجة، لـ"العربي الجديد"، إنّه بحسب مسح السكان والصحة الأسرية لعام 2017 - 2018، انخفض معدل الإنجاب الكلي من 3.5 أطفال لكلّ امرأة في الفئة العمرية 15 - 49 عاماً في عام 2012، إلى2.7 طفل في عام 2017 - 2018 للفئة نفسها. ويبلغ معدل انتشار وسائل منع الحمل الحديثة بين النساء المتزوجات 37 في المائة. وتوضح الدعجة أنّ تنظيم الأسرة واحد من محاور عديدة يعمل عليها المجلس الأعلى للسكان، والتي تركز على الصحة الإنجابية، وصحة المرأة والطفل، ورفاه الأسرة. تضيف أنّه خلال الشهرين المقبلين سيجري إطلاق خطة جديدة للصحة الإنجابية للأعوام 2019 – 2023.



تشير الدعجة إلى أنّ هناك أثراً واضحاً للجوء على الوضع السكاني من خلال الأعداد والنمط الإنجابي، موضحة أنّ معدل الإنجاب يرتفع في حالة المرأة السورية اللاجئة إلى 4 أطفال. توضح أنّ اللجوء يوثر على الخطط السكانية، مبينة أنّه في حال استقرت الأوضاع في سورية وقرر اللاجئون العودة، فإنّ ثلثهم لن يعودوا، كما هي السوابق على المستوى العالمي.

حول مفهوم الفرصة السكانية، وإمكانية تحققها في الأردن، تقول إنّها تقع في فترة زمنية يكون فيها التطور الديموغرافي لدولة ما، قد أظهر بوضوح تفوق نسبة الفئة العمرية العاملة "النشطة اقتصادياً" عن الفئات العمرية صغيرة السن (أقل من 15 عاماً)، وكبيرة السن (أكثر من 64 عاماً). وتحدث الفرصة السكانية عندما تصبح التركيبة الديموغرافية للسكان أصغر سناً وتكون النسبة المئوية للأفراد القادرين على العمل في أعلى مستوياتها، مشيرة إلى أنّ الإسقاطات السكانية السابقة كانت تشير إلى أنّ الأردن سيصل إلى الفرصة السكانية عام 2030، لكنّ اللجوء السوري عمل على تأخير تقديرات الوصول إلى الفرصة السكانية حتى عام 2040. وحول إمكانية أن تكون الفرصة السكانية ذات قيمة إيجابية وليست عاملاً سلبياً، توضح أنّ المجلس هو راسم سياسات، ويتواصل مع مختلف الوزارات والمؤسسات الأخرى، عبر تقديم رؤية وإسقاطات سكانية لما سيكون عليه الوضع خلال السنوات المقبلة، فيما توفير فرص العمل وتوفير التعليم والتدريب والتأهيل مرتبط بالعديد من الجهات والمؤسسات الأخرى.

يتوقع المجلس الأعلى للسكان أن يصل عدد اللاجئين السوريين في البلاد إلى مليونين و700 ألف لاجئ بحلول العام 2040، في حال استقر معدل النمو السكاني للسوريين عند 2.9 في المائة، خلال السنوات الـ22 المقبلة، في حال عدم عودة اللاجئين، وهي فرضية من أصل 6 فرضيات توقعها المجلس في وثيقة أصدرها حول عودة اللاجئين إلى ديارهم.




أما الفرضية الثانية فتنبأت بعودة طوعية تدريجية للاجئين السوريين في حال استقرت الأوضاع في بلادهم، ليصل عددهم إلى 740 ألف لاجئ سوري عام 2040، فيما توقعت أخرى أن يكون عددهم 767 ألفاً في العام نفسه. وتوقعت الفرضية الرابعة انخفاض أعداد السوريين 40 في المائة عام 2030، وعودة الثلث بين عامي 2030 و2050، ليصل عددهم عام 2040 إلى نحو 615 ألفاً. في حين توقعت الفرضية الخامسة عودة نصف السوريين قبل 2030، وعودة الثلث بين عامي 2030 و2050 ليصل عددهم إلى 519 ألف لاجئ. وتقول الفرضية الأخيرة إنّ ثبات معدل النمو بين السوريين والبالغ 1.9 في المائة خلال الفترة بين 2015 و2025، وانخفاضه بين 2025 و2030، وبدء عودتهم بعد 2030، يتوقع منه وصول عدد السوريين في الأردن إلى 1.1 مليون لاجئ.