يُدوّن مؤيد السوسي (30 عامًا)، أسماء المدعوين على بطاقات حفل زفافه، الذي يستعد لإقامته، الأسبوع المقبل. ويبدو السوسي سعيدًا، وهو يراجع قائمة المدعوين، حرصًا على عدم نسيان أحد من أقاربه. ويقول:"لم أكن لأتزوج في هذا السن، لولا استعانتي بإحدى جمعيات تيسير الزواج"، مضيفاً أنه يعمل بائعًا في أحد متاجر الملابس، بمدينة غزة، بعد بطالة استمرت 5 سنوات، وأنه لجأ للجمعية بعد أن فشل في جمع تكاليف حفل الزفاف.
ويتابع: "التكاليف مرتفعة لدينا، قد تصل إلى أكثر من 15 ألف دولار أميركي، ولن أملك هذا المبلغ، إلا بعد سنوات طويلة، وبواسطة الجمعية استطعت تخفيضها وتقسيطها على مدار عامين". وتمكن من توفير مستلزمات ليلة الزفاف، بألفي دولار، عبر الجمعية، على أن يقوم بتسديد المبلغ، لاحقاً، عبر نظام التقسيط، مشيرًا إلى أنه كان سيضطر لدفع مبلغ مضاعف يصل إلى 4500 دولار، لو أنه اعتمد على ذاته في تجهيز تلك المستلزمات.
ويواجه الشباب في قطاع غزة، ظروفاً اقتصادية صعبة جراء ازدياد معدلات الفقر، ما أدى إلى تعطل زواج المئات منهم. وفي إحصائية لمجلس القضاء الشرعي في القطاع، صدرت مطلع العام الحالي، انخفض عدد الزيجات بنحو 1500 عقد زواج عن العام الماضي. ويبلغ عدد جمعيات ومؤسسات الزواج في القطاع، الحاصلة على ترخيص، خمساً، بحسب إحصائية لوزارتي الاقتصاد والشؤون الاجتماعية بغزة.
وفي 22 مايو/أيار الماضي، أصدر البنك الدولي، بيانًا ذكر فيه، أنّ "نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43 في المائة، وهي العليا في العالم، ونحو 80 في المائة من سكان القطاع يحصلون على "إعانة اجتماعية"، ولا يزال 40 في المائة منهم يقبعون تحت خط الفقر".
معتصم خليل (29 عامًا)، أصبح أبًا قبل عام، بعد أن حصل على منحة غير مستردة من إحدى جمعيات الزواج، بقيمة 3 آلاف دولار. يقول خليل:"ساعدتني المنحة التي حصلت عليها، في تكوين أسرة صغيرة، وأصبحت الآن أبًا، وأنا سعيد جدًا".
ويذكر الشاب الحاصل على شهادة دبلوم في العلاج الطبيعي، ويعمل بائعًاً للسكاكر والحلوى للأطفال، لعدم حصوله على مهنة في مجال دراسته، أنه تقدم بطلب مساعدة للجمعية التي وافقت على طلبه بناءً على وضعه الاقتصادي، وحالته الصحية. ويشير إلى أنه لم يكن يتوقع حدوث زواجه، خصوصاً بعد تعرضه لإصابة خلال الحرب الإسرائيلية الأولى على قطاع غزة في 2008-2009، جعلته يسير على عكازين.
ووفق إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مطلع العام الحالي، تخرج مؤسسات التعليم العالي في البلاد، سنويًا حوالي 32 ألف طالب وطالبة، بلغت نسبة البطالة بين صفوفهم خلال الربع الثاني من عام 2014 حوالي 56 في المائة (34 في المائة للذكور و75 في المائة للإناث).
ويشير الجهاز إلى إن نسبة الشباب مرتفعة في فلسطين، حيث يشكلون في الفئة العمرية من 15-29 ما نسبته 30 في المائة من إجمالي السكان (4,6 ملايين نسمة)، منهم 1,4 مليون شاب.
الأمر ذاته، حصل مع ميساء عزام، التي تقول إن شريك حياتها، لم يتمكن من إتمام الزواج بها، لمدة عام ونصف، قبل أن يستعين بإحدى تلك الجمعيات، التي حققت لهما حلمهما. وتشرح قائلة:" زوجي فقد عمله خلال الحرب الأخيرة، بسبب قصف الطائرات الإسرائيلية للمصنع الذي كان يعمل فيه، فتأخر موعد زفافنا، لعدم قدرته على توفير كافة احتياجاته، فلجأ لطلب مساعدة من جمعيات الزواج، واستطعنا إقامة زفافنا".
ويقول أدهم البعلوجي، رئيس مجلس إدارة "جمعية التيسير للزواج"، إن مؤسسته تهدف لتوفير جزء من تكاليف الزواج للفئات الأكثر تهميشًا في المجتمع الفلسطيني. ويوضح أن لديهم اهتمامًا بمساعدة أصحاب الإعاقات، وكبار السن، وأبناء شهداء الحروب الإسرائيلية والجرحى، من خلال توفير منحة مالية غير مستردة لهم، تقدر في الحد المتوسط بألف دولار، مشيراً إلى أن الحصول على هذه المنح يتم من التبرعات وفاعلي الخير داخل وخارج القطاع.
وتقدم الجمعية خدمات توعوية وإرشادية لمساعدة العروسين في إنجاح حياتهما الزوجية، والحد من نسب الطلاق، بحسب البعلوجي. وعن شروط منح القروض يقول :"أن يكون هذا زواجه الأول، وأن يكون الفقر هو المعوق لزواجه، بالإضافة إلى توفير سكن جيد لبدء حياة زوجية". ولا تقتصر خدمات الجمعية التي تأسست قبل نحو 7 سنوات، على الذكور فقط، بل تشمل الإناث أيضاً، بحسب القائمين عليها، الذين قالوا إن عدد الذين تزوجوا من خلالهم بلغ ألف شاب وفتاة.
من جانبه، يقول صقر الغول، مدير الحملة الشعبية لتيسير الزواج "حُلم"، في قطاع غزة، إن حملته "توفر للشباب المقبلين على الزواج معظم احتياجات يوم الزفاف، من طعام الغداء وبطاقات الدعوة، وحجز قاعة العرس، وثمن بدلة العروس، وتكاليف الكوافير، ومسرح ومقاعد حفل الشباب، وغيرها".
وأوضح الغول أن "الشاب يستطيع توفير كافة هذه المتطلبات مقابل دفع مبلغ مالي يقدر بـ 1700 دولار، بالتقسيط على مدار عام كامل، وقد تزيد المدة وفقًا للحالة الاقتصادية". وأشار إلى أن الحملة ساعدت نحو 500 شاب في إتمام زواجهم.
اقرأ أيضاً:إسبانيا ترفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 16 عاماً