حلفاء النظام يستعجلون حجز حصصهم في إعادة إعمار سورية

11 أكتوبر 2017
يستعجل حلفاء النظام إعادة الإعمار (جورج أورفاليان/فرانس برس)
+ الخط -



بدا كأن النظام السوري وحلفاءه من روسيا وإيران، يستعجلون الاتجار بملف إعادة الإعمار وحجز الحصص والقطاعات الخاصة بهم، وكأن القضية السورية قد انتهت، وتمّ التوصل إلى اتفاق دولي على شكل الحل السياسي، عقب 7 سنوات من الحديث عنه، بعد أن استطاعوا تسويق بقاء النظام بدعوى أولوية "محاربة الإرهاب". وعلى الرغم من عدم استقرار معظم المناطق السورية، سواء كان في ما يسمى "مناطق خفض التصعيد" أو مناطق سيطرة تنظيم "داعش"، إلا أن هذا لم يمنع حلفاء النظام من حجز حصصهم استعداداً لحصد أرباحهم من الحرب السورية في لحظة طرح ملف إعادة الإعمار دولياً، فشكّل النظام اللجان الخاصة بإعادة الإعمار وعقد المؤتمرات والمعارض والندوات وكلف جميع المؤسسات التي يهيمن عليها بإعداد الملفات والمخططات اللازمة.

وفي هذا السباق، وقّع نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية والمغتربين في النظام السوري وليد المعلم، ونائب رئيس الحكومة الروسية ديميتري روغوزين، أمس الثلاثاء، على بروتوكول الدورة العاشرة للجنة الحكومية السورية الروسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي التقني، في منتجع سوتشي الروسي، المتناول لمشاركة الروس في إعادة الإعمار.

وبيّنت وكالة "سانا" التابعة للنظام، على موقعها الرسمي، أن "اجتماعات الخبراء الفنيين الذين يمثلون مختلف وزارات ومؤسسات الدولة في البلدين واللقاءات بين رجال الأعمال السوريين والروس، تركزت على سبل التعاون المشترك بين الشركات وتوسيع الاستثمارات الروسية في سورية والمشاركة في اعادة إعمار البنى التحتية الأساسية التي تضررت بفعل الإرهاب".

وذكرت الوكالة أن "فريق الخبراء الفنيين السوريين والروس كان قد بدأ يوم الأحد الماضي، اجتماعاته في منتجع سوتشي الروسي على ساحل البحر الأسود، ضمن إطار الدورة العاشرة للجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي، والتي يترأسها عن الجانب السوري نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، وعن الجانب الروسي نائب رئيس الحكومة ديميتري روغوزين".

كما نقلت "سانا" عن رئيس "إدارة أوروبا في وزارة الخارجية والمغتربين" بسام درويش، قوله إن "عمل لجان الخبراء الفنيين استمر حتى وقت متأخر من الليل لإنجاز المطلوب، بما يرتقي بالعلاقات الاقتصادية السورية الروسية إلى المستويين السياسي والعسكري بين البلدين".

وأشار موقع "روسيا اليوم" الروسي، في تقرير بعنوان "المعلم يترأس وفداً سورياً لبحث إعادة الإعمار مع روسيا"، إلى أن اجتماعات "لجان عمل متخصصة عقدت في مجالات الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والطاقة والنقل والجيولوجيا والثروة المعدنية وقطاعات التعليم والثقافة وغيرها".



وبالتزامن مع اجتماعات سوتشي، أعلنت من دمشق وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ممثلة بهيئة الإنتاج المحلي ودعم الصادرات واتحاد المصدرين السوريين، يوم الاثنين، خلال مؤتمر صحافي عقد في مبنى اتحاد المصدرين بدمشق، إطلاق الخط البحري المنتظم بين مرفأ اللاذقية وميناء نوفوروسيسك الروسي بالتعاون مع شركة (سيما سي جي إم) الروسية. على أن تبدأ عبره ثلاث بواخر بالتحرك تباعاً، من مرفأ اللاذقية السوري إلى مرسين التركي ثم أوديسا الأوكراني، وصولاً إلى ميناء نوفوروسيسك الروسي. وتستغرق الرحلة إلى أوديسا 5 أيام وإلى نوفوروسيسك 7 أيام، بعد أن كانت تستغرق للأخير 20 يوماً.

وكانت وزارة الدفاع الروسية كشفت في 13 سبتمبر/ أيلول الماضي، عبر بيان صحافي لها، أن "روسيا سترسل إلى سورية أكثر من 4 آلاف طن من مواد البناء وآلات البناء الخاصة لترميم البنية التحتية الضرورية في التجمعات السكنية التي تم تحريرها من الإرهابيين. كما سترسل جرافات وحفارات ورافعات للمشاركة في أعمال إعادة الإعمار، بالإضافة إلى أكثر من طنين من الأنابيب المعدنية لشبكة المياه وغيرها من مرافق الحياة، ومئات الكيلومترات من الأسلاك لترميم الاتصالات والكهرباء، ومواد بناء لإعمار مستشفيات ومدارس ومنشآت اجتماعية أخرى".

كما نقلت "سانا" عن مدير عام هيئة الإنتاج المحلي ودعم الصادرات المهدي الدالي، قوله يوم الاثنين، إن "أهم ميزة للخط البحري الجديد هي سرعة وصول البضائع، خصوصاً ما يتعلق بتصدير المنتجات الزراعية التي لا تحتمل الوقت الطويل أثناء التصدير للحفاظ على صلاحيتها وجودتها، من دون أن يلحق بها أي ضرر"، معتبراً أن "إطلاق الخط يأتي استكمالاً للجهود الحكومية الداعمة للإنتاج من خلال فتح أسواق جديدة للتصدير والتخفيف من الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري".



وكان النظام قد تحدث في مناسبات عدة عن أن "حلفاءه في محاربة الإرهاب هم شركاء أساسيون في عملية إعادة الإعمار، وعلى رأسهم روسيا وإيران والصين". فملف إعادة الإعمار ملف جاذب لمختلف دول العالم والشركات الدولية، إذ تقدّر قيمة إعادة إعمار سورية بأكثر من 200 مليار دولار أميركي. ويحتاج الملف إلى عقد مؤتمرات للمانحين وتشكيل صناديق دولية لتمويل العملية، في ظلّ تشكيك متابعين بأن تكون روسيا وإيران قادرتين على الإسهام بقوة في تمويلها، معربين عن اعتقادهم بأن يكون الخليج العربي والاتحاد الأوروبي من أبرز الممولين.

بدوره، قال ممثل روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيجوف، يوم الاثنين، على هامش قمة الاتحاد الأوروبي - أوراسيا - الصين للأعمال المنعقدة في العاصمة اليونانية أثينا، إنه "حتى الآن لا توجد الجاهزية السياسية لدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمشاركة كاملة النطاق في إعادة إعمار سورية في مرحلة ما بعد الحرب".

وبيّن أن "الاتحاد الأوروبي يربط مشاركته في إعادة إعمار سورية بإطلاق عملية الانتقال السياسي هناك"، لافتاً إلى أنه "في الوقت نفسه فإن دول الاتحاد تقدم مساعدات إنسانية لسورية عبر مؤسسات الأمم المتحدة، على الأغلب، وتشارك قدر الإمكان وبنشاط في عمل (مجموعة أصدقاء سورية)".



من جانبها، رأت مصادر معارضة في دمشق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "حلفاء النظام وعلى رأسهم روسيا وإيران والصين يحجزون حصصهم من الكعكة السورية، التي يبدو أنها في مراحلها الأخيرة من النضوج على نار الحرب التي بدأت تخف رويداً رويداً، فها هو المعلم يوقع بروتوكولاً خاصاً مع روسيا يركز على البنية التحتية، وهناك اتفاقيات مماثلة مع إيران كشف ملامحها الشهر الماضي مساعد وزير الطاقة الإيراني، بهرام نظام الملكي، بالحديث عن رغبة الشركات الإنشائية بالعمل في قطاع الموارد المائية بسورية، ومجالات الطرق والجسور والتطوير العقاري والهندسة والاستشارات، الأمر الذي لقي ترحيباً من النظام بشكل رسمي".

وتابعت "كما أن الصين البعيدة عن الأضواء وشريكة الروس برفع كل فيتو وقف بطريق قرارات مجلس الأمن الخاصة بسورية، وأحد موردي السلاح والذخائر إلى النظام طوال السنوات الماضية، كشفت خلال معرض دمشق الدولي الذي عقده النظام أخيراً، عن رصدها ملياري دولار لمرحلة إعادة الإعمار. كما نقلت الخارجية الصينية عن وزير الخارجية لدى النظام وليد المعلم، قوله خلال لقائه مع نظيره الصيني وانغ يي، على هامش الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن سورية ترحب بمشاركة الصين الفعالة في عملية إعادة الإعمار، في ظلّ إشارة التصريحات إلى أنه يتجه إلى قطاع التطوير العقاري وبناء المدن. بالتالي يكون حلفاء النظام قد تقاسموا الأدوار في ملف قطاع الأعمار، وهم الذين سبق أن تقاسموا قطاعات الاستثمارات في قطاع الثروات الباطنية".

ولفتت المصادر المعارضة إلى أن "الصين قد تكون المنافس الأكبر للغرب بشكل عام، لأن إعادة إعمار سورية ستكون مدخلاً لفتح سوق جديد للصين في الشرق الأوسط، خصوصاً أن إعادة الإعمار ستموّل من قبل الأخير وحلفائه الخليجيين إضافة إلى البنك والصندوق الدوليين". واعتبرت أن "حلفاء النظام يسرعون في استثمار نجاحهم في إبقاء النظام ولو في المرحلة الانتقالية بتوافق دولي، لإتمام حجز حصصهم من ملف إعادة الإعمار، عبر توقيع العقود والاتفاقيات الملزمة في الغالب لأي سلطة مستقبلية، كما تعتبر أداة ضغط على بقية الدول الفاعلة في القضية السورية، للإسراع في إنجاز التسوية والولوج في عملية إعادة الإعمار، للبدء بجني أرباح استثماراتهم في الحرب الطويلة".