حلب أردنياً

07 مايو 2016
يتعمق الانقسام في الأدرن حول الملف السوري (صلاح ملكاوي/الأناضول)
+ الخط -
لم يحدث أن شهد الأردن انقساماً حول قضية داخلية أو خارجية يشابه الانقسام الحاد والعصبي الذي يعيشه المجتمع بمختلف مكوناته منذ قرابة خمس سنوات حول القضية السورية التي ما تزال تراوح مكانها رغم جميع المحاولات الدولية للدفع باتجاه حلها. قضية كان الانقسام حولها أحد أهم أسباب ضرب الحراك الأردني المطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية خلال موجة الانتفاضات العربية، بعد أن اختلف الناشطون في الحراك الأردني حول أدق تفاصيل المشهد السوري رغم اتفاقهم على تفاصيل التفاصيل في المشهد الأردني، والذي تحول إلى هامشي على قائمة اهتماماتهم العابرة للحدود والقارات.

الأيام الماضية شهدت تعمق الانقسام وانتقاله من حدود التخوين والعمالة وتبادل الاتهامات إلى حدود التحريض على القتل واعتماد لغة الدم. شكلت أحداث حلب، والتي فرّ قرابة ستة آلاف سوري منها صوب الحدود الأردنية، معولاً للحفر عميقاً في الانقسام، الذي أصبح عصياً على الردم في الوقت الحاضر وربما في المستقبل. مؤيدو النظام السوري على الساحة الأردنية، أطبق عليهم صمت غير معهود خلال الساعات الأولى لأحداث حلب، وهجروا صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يشنوا هجومهم على معارضي النظام من باب التشكيك في الصور المتناقلة للضحايا، وقد نصّبوا أنفسهم في محاولة بائسة لتبرئة النظام الدموي خبراء في كشف تزييف الصور، قبل أن يتوسعوا في التحريض على مؤيدي الثورة والمتعاطفين مع ضحايا حلب من المدنيين الأبرياء، مطلقين دعوات لقتلهم بعد أن صنفوهم جزءاً من منظومة الإرهاب الداعشية.

خطاب الدم بين المؤيدين والمعارضين لم يبرز على ساحة الخلاف الأردنية من الأزمة السورية كما هو الحال اليوم، ما ينذر بما هو أسوأ في القريب العاجل، ليصبح الخلاف الذي استثمرت فيه الحكومة الأردنية لتفريق وحدة المعارضة الداخلية مرشحاً ليتحول قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة. الملف السوري على الساحة الأردنية أثبت خلال سنواته هشاشة الأولوية الوطنية لدى الناشطين الأردنيين وسهولة انقسامهم، للدرجة التي بات فيها حل النزاع السوري أسهل من حل خلافاتهم وبناء سورية أقرب من إعادة بناء علاقاتهم.