ووافق مجلس الوزراء برئاسة إبراهيم محلب في آخر اجتماعاته يوم الخميس الماضي، على هذا القانون، ما يسدل الستار على أية استحقاقات قد تتبين للشعب المصري في مرحلة مقبلة، جراء مخالفات من الممكن أن تنتاب تعاقدات الحكومة مع المستثمرين، كما كان الحال في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وعلى اختلاف موضوعات قضايا الاستثمار المنظورة أمام القضاء المصري، واختلاف قطاعاتها وملابسات كل حالة، إلا أن ثمة عاملًا مشتركاً وحيداً في أغلب القضايا، وهو الطرف الثالث الذي تطوع بإقامة الدعاوى لرد شركات المال العام إلى الدولة، ومعظمه من النشطاء والحقوقيين، وهو الطرف الذي استهدفته الحكومة من خلال القانون الجديد، لإسكاته رسمياً.
وفي أعقاب ثورة 25 يناير 2011، أصدر القضاء المصري أكثر من 11 حكما، بينها أحكام نهائية، تلزم الحكومة باسترداد شركات تم بيعها بطرق مخالفة.
وباعت الحكومات المتعاقبة في عهد مبارك، عدداً من الشركات المملوكة للدولة بين أعوام 1991و2008، وكان عدد الشركات المصرية، قبل تنفيذ برنامج الخصخصة، 27 شركة قابضة و314 شركة تابعة، وبعد تنفيذه وصلت إلى 9 شركات قابضة و146 شركة تابعة، وفقاً لإحصائيات رسمية.
وينظر القضاء عشرات القضايا الأخرى التي قد تلزم الحكومة برد مزيد من الشركات التي جرت خصخصتها خلال حكم مبارك، بعدما ظهرت دلائل تؤكد بيع هذه الشركات بثمن بخس، فضلا عن شبهات فساد تدور حول أغلب تلك الصفقات، وفق ما يقوله المدعون.
وقليلاً ما تنظر المحاكم في مصر دعاوى تختص بتعاقدات بين الحكومة والمستثمرين بشأن استرداد مال عام أو مخالفات شابت التعاقد، من الطرفين الرئيسيين.
وتبرر الحكومة في مصر هذا القانون بأنه رسالة لطمأنة المستثمر الذي طالما أحجم عن ضخ أموال جديدة بالسوق خوفاً من إقامة أطراف ثالثة دعاوى ضده، وإلزامه بأحكام قضائية قد لا تتناسب وموقفه المالي، فضلًا عن تهديدات بشأن دخول المستثمر في تسويات طويلة الأمد مع الحكومة من غير المتوقع أن تمر عليه بدون خسائر، لكن آخرين يرون القانون رداً لجميل رجال اعمال خليجيين ساندت بلدانهم الانقلاب العسكري في مصر.
وقال وزير الاستثمار المصري السابق، أسامة صالح، في فبراير/ شباط الماضي، إن مصر نجحت في تسوية نزاعات مع 80 مستثمراً عقارياً على مدى السنوات الثلاث الماضية.
لكن ما يثير تحفظات مراقبين بشأن نية الحكومة من وراء القانون الجديد، ما أعلنه رئيس الحكومة السابق الببلاوي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عندما قال إنهم بصدد إقرار قانون يحصن الوزراء والمسؤولين من محاكمتهم في قضايا فساد إذا ما تبين من الظاهر حسن النية.
ويتكامل القانونان الأول (حسن النية) والأخير الذي تم إقراره الخميس الماضي، ليشكلا أكبر دعامة ضد أية دعوى قضائية من الممكن أن تطال المسؤول بصفته أو الحكومة أو المستثمر، حتى وإن تبين الفساد.
ويقلل خبراء من دور القانون الجديد في جذب استثمارات أجنبية، وإن حمل تطمينات كبيرة، نظراً للوضع العام القائم في مصر وحالة عدم اليقين السياسي التي يعيشها الشارع منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو/ تموز الماضي.