عاودت حكومة النظام السوري شن حملة على الإنتاج التركي وملاحقة المنتجين والتجار لضبط أي سلعة تركية أو منتج نهائي داخل بصناعته مادة أولية تركية، كما جرى يوم الأربعاء من مصادرة شاحنة "قاطرة ومقطورة" محملة بالسجاد في مدينة الصبورة في ريف دمشق، لأن المادة الأولية تركية.
ونقلت مصادر إعلامية مقربة من نظام بشار الأسد، اليوم الخميس، أن التاجر قدم جميع الثبوتيات التي تؤكد أن صناعة السجاد محلية بمعامل أورم الصغرى في ريف حلب، لكن جمارك دمشق ترى غير ذلك.
ويؤكد مدير جمارك دمشق سامر سعد الدين، حسبما أوردت صحيفة حكومية سورية اليوم، ضبط السجاد المخالف البالغ سعره 31 مليون ليرة سورية (الدولار يساوي 470 ليرة بسعر اليوم الخميس) وعدم مصالحة التاجر، وأن السجاد تم تهريبه من تركيا وما فعلته المعامل السورية إنما يقتصر على اللمسات الأخيرة.
وتقول مصادر من دمشق لـ"العربي الجديد" إن ثمة حملة منذ نحو شهر تنفذها دوريات حماية المستهلك على أسواق المناطق الخاضعة لسيطرة بشار الأسد، من أجل ضبط المواد والسلع تركية الصنع، وتحويل أصحاب المحال والتجار إلى المحاكم بعد مصادرة السلع.
ويوضح الاقتصادي علي الشامي من دمشق: "بدأ أخيراً إحياء ملاحقة الإنتاج التركي رسمياً، حيث عمم اتحاد غرف التجارة قبل أيام، منع القطاع الخاص من استيراد أو شراء أو قبول أي عرض يتضمن أي مواد أو بضائع أو تجهيزات ذات منشأ تركي".
ويضيف: "جاء في بيان غرف التجارة تأكيد على التجار، وبخاصة تجار المفرق للألبسة ومستلزماتها والمواد الغذائية والكهربائية والمنزلية، بضرورة التأكد من منشأ المواد المباعة وطريقة استيرادها قبل عرضها للبيع في محالّهم، مع ضرورة الاحتفاظ بالمستندات".
وحول وجود سلع ومنتجات تركية في السوق السورية، يؤكد الاقتصادي السوري أن نحو 20% من المواد الغذائية، وبخاصةٍ بدمشق، هي إنتاج تركي، وأكثر من ذلك بالنسبة للملبوسات، مشيراً إلى أن تلك المنتجات لا تدخل تهريباً عبر مدينة حماة أو المناطق المحررة في إدلب وحلب، بل يتم إدخالها عبر تجار، إن عبر المناطق المحررة أو دول الجوار، وأضاف: "ببساطة يوجد أكثر من 100 حاجز بين المناطق المحررة ودمشق، فكيف تمر كل تلك الكميات من دون علم الجمارك والنظام!".
ويأتي تعميم غرف التجارة في سورية، استناداً إلى تعميم رسمي حكومي سابق. فمنذ عام 2015، عممت حكومة النظام على جميع الوزارات والجهات العامة والقطاع المشترك، منع استيراد أو شراء أي مواد أو بضائع وتجهيزات ذات منشأ تركي. كما تضمن التعميم الحكومي وقتذاك، عدم قبول العروض التي تتضمن مواد أو بضائع أو تجهيزات يدخل في تركيبها أي مكون تركي، وذلك في المناقصات أو طلبات العروض وغيرها التي تُجرى لتأمين حاجة هذه الجهات.
وكان بشار الأسد قد أصدر في 29 مارس/آذار 2015، مرسوماً تشريعياً بفرض رسم نسبته 30% على كل المواد والبضائع ذات المنشأ والمصدر التركي المستوردة إلى سورية، ما اعتبره مراقبون مخالفة للاتفاقات الموقعة بين البلدين، وبخاصةٍ اتفاقية منطقة التجارة الحرة التي ألغت الرسوم على مراحل منذ عام 2004، وصولاً إلى إلغاء كامل الرسوم عام 2007، ومن ثم المجلس الاقتصادي المشترك عام 2010.
ووصل حجم التبادل التجاري بين سورية وتركيا عتبة 3 مليارات دولار عام 2010، لكنه وفق بيانات رسمية، لم يتوقف حتى بعد القطيعة وفرض رسوم ومقاطعة من الجانب السوري، إذ تفيد البيانات بأن الصادرات التركية إلى سورية بلغت 1.02 مليار دولار عام 2013، وتعدت حاجز الـ 1.80 مليار عام 2014، قبل أن تعود إلى ما قبل الحرب العام الماضي.
ويقول مدير نقل إدلب السابق، محروس الخطيب، إن حجم التجارة وبخاصةٍ الصادرات التركية اليوم، أكثر مما كان عام 2010، لأن تركيا تزود المناطق المحررة بكل ما تحتاج إليه من سلع غذائية ومواد بناء.
وحول وصول المنتجات التركية إلى مناطق سيطرة الأسد، يضيف الخطيب، عادة تتم عبر تجار النظام ذاتهم، إذ ينقلون السلع ويدفعون رشى للحواجز عبر ما يسمى بالترفيق، إضافة إلى دخول الإنتاج التركي عبر لبنان والعراق.
وحول عدم دخول المشتقات النفطية التركية إلى الشمال السوري المحرر والمحروم من إنتاج النفط السوري، وبخاصةٍ بعد هزائم "داعش"، يجيب مدير النقل بأن أسعار المشتقات النفطية في تركيا مرتفعة جداً، وأعلى سعراً حتى فيما لو دخل تهريباً من مناطق النظام، "لكنّ ثمة طرحاً هذه الفترة يقضي بإمكان تزويد تركيا مناطق ريف إدلب بالمازوت".
وكانت العلاقات الاقتصادية السورية- التركية قد شهدت تنامياً كبيراً قبل الثورة التي لقيت تأييد أنقرة عام 2011. فمنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002 واعتماده مبدأ "تصفير الخلافات"، وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2010 إلى نحو 3 مليارات دولار.