"نبني" مشروعٌ تبنـّى فكرته الشاب العشريني، جواد نابلسي، بالشراكة مع عدد من الشباب الطامحين إلى خدمة مجتمعه، ودشنه بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، فجواد الذي أصيب في إحدى عينيه في جمعة الغضب، والذي يسكن أحد أرقى مدن الأثرياء في مصر، والحاصل على دراسته الجامعية في جامعة مرموقة في الولايات المتحدة الأمريكية، شجعه ما ظنه نجاحا للثورة على الشروع في تدشين مشروعات لخدمة الفقراء، واختار لذلك "منشأة ناصر" أحد أفقر أحياء القاهرة ليؤسس ورفاقه " نبني".
وفي سعيها إلى محو كل آثار حسنة خلفتها ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2014، قامت حكومة الانقلاب الثانية برئاسة إبراهيم محلب، يوم الأحد الثاني من مارس/آذار، بإمهال مؤسسة "نبني" 24 ساعة تنتهي صباح اليوم الاثنين، لإخلاء مقرها في منشأة ناصر، ومنحه لهيئة البريد.
وتعتمد مؤسسة "نبني" الخيرية على الجهود الذاتية التطوعية لعدد من خيرة شباب مصر الجامعيين ميسوري الحال، ممن قرروا المساهمة في تطوير مجتمعاتهم، ومساعدة غير القادرين على العلاج أو حتى التعليم، لتصبح مقرا في منشأة ناصر يمحو الأمية، ويقدم دروسا للتقوية في اللغة العربية، وتقديم الملابس بأسعار رمزية للأهالي، وجهود إغاثية وأخرى في التوظيف لمساعدة أصحاب الحرف على بيع منتجاتهم.
كما قامت المؤسسة من ضمن خدماتها بتقديم 27 قرضا حسناً لشباب المنشأة للقيام بمشروعات صغيرة، وعلاج 2260 من مصابي الثورة من الفقراء، و4 قوافل طبية للأسنان وفيروس سي وعامة لأهالي المنشأة، وتوزيع 2200 شنطة خير كل رمضان، وتجديد المنازل والمدارس الآيلة إلى السقوط في المنطقة.
وكانت هيئة البريد قد تقدمت بطلب لتأجير مقر "نبني" المشهر برقم 3914 تاريخ 16 يونيو/حزيران 2011، والذي حصلت عليه المؤسسة عام 2012 عبر المحافظة وقامت على تجديده 2013، وتقول رشا بدران، نائب رئيس مؤسسة "نبني"، إنهم يتعرضون لتعنت رئيس الحي منذ زمن، وتهديداته بالطرد، ملصقا تهمة الانتماء إلى الإخوان المسلمين لمؤسسيها.
يذكر أن مقر "نبني" كان مخصصا كاستراحة للمحافظ لدى زيارته إلى المنطقة، على مساحة قدرها 60 مترا، في مدخل عزبة بخيت في منشأة ناصر، وظل المكان مغلقا لعشرات السنين قبل تأجيره لـ"نبني"، وعمل شباب المؤسسة على ترميمه وتجديده فور تأجيره من المحافظة، وتمت ازالة مقالب القمامة التي كانت تحيط بالمكان، ليتحول إلى منارة لتعليم وعلاج ومساعدة الفقراء في المنطقة.
ويبلغ عدد سكان "منشأة ناصر" نحو 55 ألف نسمة، وهي منطقة شديدة العشوائية، ويعد سكانها الأكثر فقرا في القاهرة، ويقع فيها ما يسمى بـ"حي الزبالين" وهم العاملون في جمع القمامة، وتعاني المنطقة من عدم توافر مياه الشرب، حيث تصل إلى 8% فقط من المباني، فيما تتناثر في المنطقة عدد من "الحنفيات" (الصنابير) العمومية، أضف إلى ذلك عدم وجود نظام الصرف الصحي واستخدام "الترنشات" بديلا عنها، فضلا عن اعتماد المنطقة على كابل أرضي ومعاناة سكان المنطقة من انقطاع الكهرباء باستمرار.