حكواتي: هل تعرف من أنا؟

05 يوليو 2014
الصورة لراندي رايسلينغ / Getty
+ الخط -
ربما لا تعرف.

أنا الذي دعاني صديقي السوداني البلجيكي هذا الصباح إلى طعام الأبطال: كبدة جمل نيئة.

بدأت أرغي وأزبد كجمل وأنا أتفحّص اللقمة الأولى. صحتُ برقاعة: يا جمل ما يهزّك ريح.

سمعني كلّ من في المطعم فقال الصديق مرتبكاً: لا تقل في السودان "كبدة جمل"، بل قل: "كبدة إبل".

- لماذا؟

- لأن الجمل بالسوداني اسم يسبّب الحرج.

طعام الأبطال! اسم مغرٍ. هل نقول إنّ محمد هديب يأكل الآن طعام الأبطال؟

 يعني إذا أكلت الكبدة النيئة أصبح بطلا؟ قال صديقي: ربما. هذا يعتمد على النيّة في أكل الكبدة النيئة.

وضحكنا.

كنت أقرأ في طفولتي قصة صلاح الدين الأيوبي.

مرة استيقظت واقتعدت العتبة ولم يستيقظ أحد. ومع الضوء المطفأ كنت أسمع أكثر مما أرى. سماء الليل فضيّة وتقع الخيالات على غلاف الكتاب. فغابت وجوه الجنود الهائلين. أما صلاح الدين فظلّ واضحاً ووحيداً: إنّه البطل.

هذا الصباح حرٌّ، وكان مزاجنا أنا وصديقي يتفق على أنّ الحرية تجعلنا بدائيين.

-  إذن لا تريد أن نأكل كبدة جمل؟

-  لا تقل كبدة جمل.. ويضحك الصديق السوداني البلجيكي.

قلتُ:

-  إذن سآكل كبدة إبل، كبدة كائن من طابقين. وأنا الذي لديّ موقف أخلاقي من كبّة الشام النيّة.

وأكلتُ لقمة واحدة، ازدردتها في الحقيقة، ثم سألتُ صاحب المطعم الحلفاوي الطيّب عن العدس. جرّبتها... وكانت يخنة طيبة.

بدأت أفتّ الخبز في العدس وتركت طعام الأبطال لغيري.

 لا أريد أن أكون بطلاً.

البطولة موحشة.

 

 

دلالات
المساهمون