حكواتي: غرفة الكهرباء... وذبح الغريب

12 ديسمبر 2014
غرفة الكهرباء (ميكاييل بوكييري/Getty)
+ الخط -
حصل في العام 2008.
في طريقي إلى ميني ماركت "سلطان" في ضاحية بيروت الجنوبية لشراء الألبان والأجبان والخبز، أمرّ على ميني ماركت "الساطع" لأشتري العصير الطبيعي، ثم أتجه إلى ميني ماركت "شمس الدين" لأشتري الصابون العربي برائحة الغار.

أسماء قيادات تنتشر في المنطقة على متاجر التبضّع اليومي في حيّ المصبغة في الشياح، وفي الشارع عشرات السلاطين الذين يسنّون أمواسهم لذبح الغريب.

عشرات الساطعين بأسلحتهم على خصرهم بلا رخصة، بلا أخلاق. قيادات المنطقة تجتمع في زاروب الشهيد حازم العلي. لا أحد يجرؤ على المرور بهذا الزاروب، ليس خوفاً من السلاح، بل خوفاً من "التلطيش" والتهويل.

لا امرأة، لا بنتاً، لا صبياً، أو عجوزاً يمرّ في هذا الشارع.

الرعب يظهر بعد السادسة مساءً، والكهرباء قد قُطعت ولا إضاءة في الشارع سوى الجمر على النراجيل والهواتف النقالة، ضحكات تُسمَع مع القليل من خرطشة السلاح.

في المبنى المجاور المُسمَّى بمشروع المصبغة، المدخل مليء بالأمراض والميكروبات.

سهرة جرذان وقطط تلاحقها، الذباب يلعب سيمفونية نوتات الإزعاج. وصولاً إلى آخر المدخل، غرفة الكهرباء لا تعمل بين السادسة مساءً ومنتصف الليل.

السادسة مساءً: في ظلمة الشارع، أسمع امرأة تسأل: "بحبك... بتحبني؟".
يردّ: "بحبك لحتى تجي الكهرباء...".

في منتصف الليل، الكهرباء عادت، كنت جالساً في غرفتي أدخّن سيجارةً خلال نوم أمّي، أرى جاري يدخّن سيجارةً دون علم أمّه ايضاً. أسأله عن الشرفة "كيف كانت سهرتك"، يرد "كنت أحلم".

الساعة 10 صباحاً: أرى جارتي تدخن سيجارةً وتشرب فنجاناً من القهوة وتبتسم لجارنا وهو يبتسم لها.

الساعة 6 من مساء اليوم التالي: عواصف تجتاح بيروت، السيول لا تمحي شيئاً من حزن المنطقة، "غرفة الكهرباء" مقفلة، ولا صوت يعلو فوق صوت العاصفة، الحبيبان "راحوا خطيفة".

ذات يوم من شتاء 2014: أعيش في شارع الحمرا، وأبتسم كل يوم لمئات النساء تحيةً لشرفات منازلهن، وذات صباح ابتسمت لي جارتي، وكان جنبها شريك حياتها من "غرفة الكهرباء".
المساهمون