حكواتي: رجال الدوش في لبنان

01 يوليو 2014
الصورة لـ(Getty/JP Nunez Designs)
+ الخط -

مجدّداً نفدت مياه خزّان بيتنا فيما كنت أستحمّ. المشكلة تكرّرت أكثر من مرّة. كنّا قد توقّعنا شحّاً في البئر الإرتوازية الخاصّة ببنايتنا، بعد موسم شتاء قليل الأمطار. فمعدّل الأمطار السنوي في لبنان هو 700 ملم، إلا أنّه لم يزد هذه السنة عن 290 ملم فقط.

حتّى في أيام الحرب الأهلية، خلال طفولتي، كنت ألحظ أنابيب المياه المكسّرة في حيّنا الضيّق. تلك التي أخرجتها من باطن الأرض قذائفُ تبادلتها البيروتان، الغربية والشرقية. وحينها لم تتسبّب في شحّ المياه. لكنّ انقطاع المياه الدائم، في لحظة الاستحمام، بعد انتهاء الحرب لربع قرن، ذكّرني بمَثَل جدّتي الشعبي الدائم: "المنحوس منحوس، لو ركّبوا على راسو فانوس".

أن يصعد ناطور البناية إلى السطح ويفرغ مقدار سطلين في خزّاننا فذلك سيحتاج إلى وقت. أنتظر عمليته لأتحرّر من كمية كبيرة من رغوة الصابون أغرقت نفسي بها خلال "الدوش". حتّى ينهي "أخونا" عمله، أضيّع الوقت بأن أرسم، بالرّغوة، لحية "سانتا كلوز" في الميلاد، وأكتب على الجدران بالصابون: "فليسقط الوزير"، ثم: "وين المي؟".

ذات يوم تأخّرت عملية نقل المياه إلى الخزّان، فتسلّل البرد إلى أطرافي. تخيّلت أنّني معتقل ويجب أن أتحمّل. ثم استجمعت قواي وكتبت بالصابون الاحمر على جدار المغطس: "رجال الدوش في لبنان". ولأنّني لم أحفظ اسم الوزير الجديد، عدت فكتبت: "يسقط الوزير الحالي والسابق واللاحق".

لكن لمَ ننقم عادة على الأنظمة؟ أليسوا 290 ملم؟ ماذا تفعل الوزارة بـ290 ملم من المياه هذه السنة؟ خطّة خماسية؟ الإعلان عن توزيع شامل ضمن برنامج تقنين معيّن؟ حقاً؟ ماذا نفعل بـ290 ملم فقط من المياه؟ هل من الممكن أن يقطّع وقت خدمته إلى حين عودة فصل الشتاء؟ أن يجلس على كرسيه ليرسم على وجهه لحية، ويكتب على جدران الوزارة: "وين الميّ".

الوزير الجديد هو من "رجال الدوش في لبنان" حالياً. وقد يبادلنا تلك الشكاوى بما هو أنكى، لعدم توفر مياه يدير خططها كوزير فيكتب على جدران مجلس الوزراء مجتمعاً: "يسقط الشعب الحالي والسابق واللاحق".

المساهمون