حكواتي: السحر انقلب على الساحر فضيّع العريس

18 اغسطس 2015
انقلب السحر على الساحر (Getty)
+ الخط -



فتاتان فقيرتان تعلو وجهيهما الصفرة وتحاولان باستمرار إخفاءها بماكياج رخيص، إضافة إلى براعتهما في اختيار الإكسسوارات المقلّدة لإضفاء بعض الأناقة على ملابسهما التي نادرا ما تستبدلانها طول أيام الدوام. لكنّ قطعة إكسسوار على الخصر، أو أخرى تتدلّى من الشعر، تكفل أن تحيل النظر عن الحذاء البالي والقميص الذي تآكلت أطرافه.

ذكاؤهما هذا دفع كلّ واحدة منهما إلى وضع خطة فردية للفوز بعريس قريب يجمعهما به محل الملابس حيث تعملان. والعريس هو ابن صاحب المحل الوحيد. وبما أنّه الابن الوحيد فمن الطبيعي أن يكون ابناً مدللاً بمصاريف كثيرة وأخطاء كثيرة وذكاء قليل. لكنّ هذا لم يمنع أن ترسم كلّ واحدة مخططاً منفرداً للإيقاع به كعريس مناسب لها.

لم تجذب انتباهه الحركات المعروفة التي تقوم بها الفتيات غالباً كي توقعنَ بالشباب التي تتعلّمها كلّ فتاة من الأفلام السينمائية. فتصنّع الرقّة وادّعاء المرض أو تكرار السؤال عن صحّته أو خصّه بأكلة تعدّها في بيتها وتقدّمها له وهي تقول: "صنع إيديّا وحيات عينيّا"، كلّ هذا لم يجعل هذا الشاب، المفرط في الغباء والكسل، حسب ما يصفه والده التاجر الكبير، لم تجعله يتحرّك أو يوجّه نظرة مختلفة وخاصّة لأيّ واحدة منهما. من تلك النظرات التي تفهم بعدها الفتاة أنّه يريدها أو حتّى أنّها قد نالت إعجابه.

اقرأ أيضاً: حكواتي: كيف كنّا نطبخ القمح والحبّ

فهو يقضي وقته خلف مكتب خشبي صغير يمسك الحسابات التي يعيدها والده مراراً آخر النهار أو يخلد إلى النوم، متّخذاً من ذراعه الكثيفة الشعر وسادة ناعمة تجلب النوم إلى عينيه حتّى في ذروة حركة البيع والشراء.

ولأنّهما نشأتا في بيئة واحدة ولديهما هدف واحد، فقد توجّهت كلّ واحدة بمفردها إلى مشعوذة عجوز سمعت اسمها يتردّد بين الزبونات اللواتي يقصدنَ المحل، ويشكرنَ ويمدحنَ جميل صنيعها في جلب الحبيب، وإعادة الزوج الذي هجر البيت بسبب كثرة الطلبات.

ذهبت الأولى وشكت حالها إلى المشعوذة العجوز، وطلبت منها أن تعدّ لها سحراً يجذب ابن صاحب المحل نحوها. فأعطتها قنينة مغلقة مليئة بالماء تسبح فيها بعض الأعشاب القصيرة الغريبة الشكل، وطلبت منها أن تسكبها أمام عتبة المحل بحيث يدوس فوقها العريس المراد إيقاعه في شباكها. وتمنّت لها الخير ووعدتها بنتيجة طيّبة بعد أن حصلت منها على مبلغ من المال تجاوز أجرتها لشهر كامل.

اقرأ أيضاً: حكواتي: قصّة السنّ الأوّل

سارت الثانية على خطى زميلتها، وحملت قنينة مشابهة بعد زيارة إلى المشعوذة العجوز قامت بها في اليوم نفسه، لكن بتوقيت مختلف. وفي الصباح سبقت زميلتها بسكب محتويات القنينة أمام باب المحل مباشرة. وحين جاءت زميلتها لتسكب قنينتها لم تُعِر انتباهاً إلى الأرضية المبلّلة أمام المحل لأنّها سكبت قنينتها على عجل، وألقت بها فارغة بعيداً ودلفت إلى المحل كأنّها لم تفعل شيئاً.

بعد دقائق تعالى صراخ العريس المراد إيقاعه. فقد انزلقت قدمه أمام المحل بسبب بركة صغيرة من الماء وحمله والده سريعا إلى المستشفى. ولم ينسَ وهو يدسّه في سيارته أن يشتم بأعلى صوته البائعتين المهملتين اللتين لم تهتمّا بتجفيف مدخل المحل بعد تنظيفه بالماء والصابون. وقسم أغلظ الأيمان أنّهما لن تعودا إلى العمل في محله بعد اليوم.

اقرأ أيضاً: حكواتي: لماذا نصارع الثيران؟

دلالات
المساهمون