رأيت أسنانا. نعم أسنان. لم أفهم ماذا تفعل هذه الأسنان حولي؟ لماذا أشعر بالهواء يدخل في جسدي؟
وبينما كنت أحاول أن أفهم ما يحدث لي خرجت إلى النور: ما هذا؟ ما كلّ هذا الجمهور؟ لماذا ينظرون إليّ؟ يا إلهي كم كنت محرجاً، لو أعرف أنّني سأقابل كلّ هؤلاء الناس لارتديت على الأقلّ شيئاً غير هذه البيجاما القديمة.
كانت فتاة تحملني بيدها، إنها الفتاة نفسها التي كنت أتابعها على التلفزيون.
فهمت:
-أنا ناي! لكن كيف؟ ولماذا؟
قرّرت أن أنتظر انتهاء الحفل، ربما بعدها أفهم ما يحدث.
وانتهى الحفل وصفّق الجمهور طويلاً. بعدها وضعتني في غرفة مع بقيّة الآلات الموسيقة. و بينما كان العازفون يغادرون الغرفة، حاولت أن أصرخ وأُفهمهم أنّ مكاني ليس هنا:
- أنا بشر مثلكم.
لكن لم يستمع إليّ أحد.
إلى أن سمعت صوتا يقول لي:
- اهدأ يا بنيّ. ستعتاد حياتك قريباً.
فنظرت خلفي. لم أرَ غير آلة العود:
- يا عيني. يا عيني. عود يتكلّم.
- لست عودا. أنا شهيد.
- شهيد! هل جننتَ. أنت لست سوى عود.
فردّ الصوت بسخرية:
- وأنت ناي. هل ترى ذلك الكمان الجالس وحيداً في زاوية الغرفة، إنّه أمّ لأربعة أطفال، إنّها شهيدة.
كان يتكلّم بحكمة أشعرتني بأنّ لهذا العود لحية وشعر أشعث. ثم حاولت أن أنام لعلّي أستيقظ من حلمي. لكنّني استيقظت ناياً أيضا.
ومنذ ذلك اليوم. أنا ناي... أنا ناي.