حكواتي: "حاجّ" في دارنا

26 ابريل 2014
عدالة "الحاجّ" في لجنة البناية
+ الخط -
منذ أربع سنوات، كانت البناية جديدة. سكنت وسبع عائلات فيها. نظرا لقلّة عددنا قرّرنا أن تكون رئاسة لجنة البناية مداورة. فصرنا كلّ ستة أشهر يستلم أحدنا زمام الأمور. وكانت الأمور جيّدة، لكنّ الإصلاحات بطيئة نوعا ما بسبب قلّتنا. 

منذ سنة ونصف السنة، انتقل ليسكن معنا في المبنى رجل رحنا نناديه "الحاج". وهذا الرجل دائم البسملة والابتسام. اشترى شقّتين دوبلكس في الطبقتين الأخيرتين. وسيّارته الفارهة أثارت إعجاب سكّان سوق "الخضرا" في البسطة، وهي واحدة من أكثر المناطق شعبية في بيروت.

"الحاج" لا يترك المسبحة من يده. وقد شارك في لجنة البناية. تطوّع بكلفة إكمال تبليط مدخل المبنى... وأكثر: اشترى على نفقته الخاصّة باباً حديدياً لغرفة الكهرباء... اعترضت يومها على أساس أنّها "لجنة للشراكة وليست صندوقاً خيرياً". وقلت إنّ ثمة أشخاصاً في حاجة فعلية إلى تلك التبرّعات أكثر من البناية ولجنتها.
بعد أربعة أشهر من انتقاله إلى المبنى دُعيتُ إلى اجتماع اللجنة، وأبلغوني أنّهم أجمعوا، على قاعدة التوافق، بأن يترأس الحاج اللجنة لسنة كاملة. فانسحبت من اللجنة، وآثرت من يومها عدم الاشتراك بأعمال "الحاج" الخيرية التي راح يقدّمها إلى البناية.
اليوم بات للحاج أمتار إضافية على سطح البناية. ادّعى أنّه اضطرّ لأخذها كي يفصل بين البنين والبنات في الغرف. له ثلاثة خزّانات مياه، ولكلّ واحد منّا خزّان واحد فقط. أضف أنّ سلاسل معدنية بات تطوّق موقف السيارات الخاصّة بالمبنى. وحين نطلب البوّاب لا نجده، لأنّه يغسل سيارة "الحاج"، أو يشتري الكرواسان لزوجة الحاج (حفظها المولى؟!)

الأغرب أنّه بات للحاج لجنة تُوافقه على قراراته من دون نقاش.
بالمناسبة، كان أحدهم قد أهدانا أنا وزوجتي إشارة "خمسة"، أي اليد المفتوحة الأصابع درءاً للحسد، عملاً بالطقوس والعادات البيروتية، لنضعها أمام باب المنزل. وقد رفعتها زوجتي مستجيبة للعادة. بعد مجيء "الحاج" كسرتُ أربع أصابع، وبقي الأصبع النصفي مرفوعا أمام باب منزلي.

هكذا أردت الترحيب بالجيران واللجنة، وطبعا بـ"الحاجّ".

 

 

 

دلالات
المساهمون