حكايتي حكيتها وبقلوبكم خبّيتها

12 يناير 2015
حكواتي يقص قصص ألف ليلة وليلة بالقاهرة 1911 (ويكيبيديا)
+ الخط -
هدف الحكاية بالإضافة إلى التشويق في البداية، أن تكون عقدا أخلاقيا غير مكتوب بين الحكواتي والمستمعين، يتم فيه الاتفاق المضمن بأنّ ما سيقوله هو من الخيال، وعند الانتهاء من الحكاية يقفلها بمقولة تفك العقد بينه وبين المستمعين ليعودوا إلى الواقع.

هناك من يبدأ حكاياته بذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى المستمعين أن يصلوا على النبي قبل بداية القصة. ولعلّ أجمل هذه البدايات ما سمعته في المغرب: "كان يا ما كان في قديم الزمان، لمّا كان الحبق والسوسان في حجر نبينا العدنان عليه الصلاة والسلام". أمّا في مجتمعاتنا الفلسطينية المسيحية، يبدأون الحكاية بذكر العذراء مريم عليها السلام.

أمّا أنا، فأبدأ كل حكاية بطريقة مختلفة. أستعمل أحياناً البداية المغربية الجميلة، أو مثلاً في حكاية "الديك الهادر"، بذكر معالم الوطن وحالته الراهنة، "كان يا ما كان يا مستمعات ويا مستمعين في أجمل مروج فلسطين.. مرج ابن عامر الواقع بين حيفا وجنين كان في ديك اسمه الديك الهادر... ولم يكن في تلك الأيام جدار، وكان الديك يستطيع التنقل بين حيفا وجنين من دون تصريح..".

كما تتعدد البدايات، تتعدد النهايات. كثيرون في بلادنا ينهون الحكاية باللهجة المصرية بمقولة، "توتة توتة خلصت الحدوتة، حلوة ولا ملتوتة"، أو التقليدية، "لو بيتي قريب كنت جبتلكم كيلو زبيب، وكنت أطعمت الموجودين، وخليت شوي للحبيب"، أو "حكايتي حكيتها وعليكم رميتها".

أمّا أنا، فاخترت "حكايتي حكيتها وبقلوبكم حطّيتها"، وذلك من منطلق إيماني أنّ مكان الحكايات هو القلب وليس العقل. العقل يساعدنا على حفظ محور أحداث الحكاية، لكن القلب هو من يحتوي الحكاية ويحافظ عليها ويهتم بنقلها للآخرين.

حكاياتي، ببداياتها ونهاياتها وبتفاصيلها، هي متاعي السري الذي يتحدى كل أنظمة الحكم. أحملها في قلبي، وترافقني في أسفاري من دون خوف من الرقابة الأمنية في المطارات والمعابر البرية، لأنّه لا أحد يستطيع دخول قلبي من دون إذني، كما لا يمكن لأحد رؤية ما في قلبي من حكايات جمعتها بكل ما في روحي من حب وشغف.
دلالات
المساهمون