إنه الفيلم السادس لصوفيا كوبولا كمخرجة، اقتبسته عن "المغشوش" (1966) للروائي الأميركي، توماس بي. كولّينان (1919 ـ 1995)، التي حوّلها دُوْن سيغال (1912 ـ 1991) إلى فيلمٍ، مثّل فيه كلينت إيستوود دور البطولة، وعُرض في أميركا، بدءاً من 31 مارس/ آذار 1971، قبل ولادة صوفيا بشهرين ونصف الشهر (14 مايو/ أيار).
النسخة الأولى فشلت تجارياً (مليون و100 ألف دولار أميركي فقط في أميركا). أما نسخة كوبولا، ابنة السينمائيّ فرنسيس فورد كوبولا، فتختلف عنها، بإضفاء مسحة نسائية على السياق الحكائيّ: تدور الأحداث في زمن "الحرب الأهلية الأميركية" (1861 ـ 1865). فرغم عنف "حرب الانفصال" تلك (كما يُطلق عليها أيضاً)، الممتد في أمكنة كثيرة، تمكّنت المدرسة الداخلية الخاصّة بالفتيات، بإدارة مارتا فرانسوورث، أن تبقى خارج الصراعات كلّها، بشكل تام. لكن، ذات يوم، تستقبل المدرسة جندياً مُصاباً بجروحٍ بليغة.
لحظة الاستقبال هذه، المفعمة بحسّ إنسانيّ، ستكون مدخلاً إلى كشف عوالم، وتفكيك علاقات وحالات، وإظهار بعض المخفيّ. وإذْ تلتزم نسخة سيغال وجهة نظر ذكورية، فإن صوفيا كوبولا ستغيّرها، بعد 46 عاماً. ففي مقالته المنشورة في المجلة السينمائية الفرنسية "بروميير" (مارس/ آذار ـ أبريل/ نيسان 2017)، كتب فريديرك فوبير أن "أسطورة إيستوود" في النسخة الأولى مبنية على "الخوف من النساء، والهاجس المرضي بالمروءة، ووسواس العجز". أما النسخة الجديدة، فتتميّز بكونها "إعادة قراءة للتُحفة الأدبية المجهولة".
لن تُروى القصّة بلسان الجندي الذي يؤدّي كولن فاريل دوره في النسخة الجديدة، بل من خلال وجهات نظر نساء المدرسة الداخلية، "حسناوات الجنوب"، وتحديداً عبر 3 نساء تمثّلن 3 أجيال، وتؤدِّي نيكول كيدمان وكيرستن دانست وإيلّ فانينغ أدوارهنّ، بإدارة كوبولا الابنة.
أما صوفيا كوبولا، فمتعدّدة الاهتمامات الفنية، إذْ تبدأ التمثيل في الثانية من عمرها، كرضيعةٍ في "العرّاب" الأول لوالدها (1972)، هي التي تظهر لاحقاً في أفلامٍ له أيضاً، كـ "العراب 2" (1974)، وThe Outsiders عام (1983) ، وRumble Fish ، وThe Cotton Club عام (1984)، وغيرها. علماً أن Frankenweenie المصور عام (1984)، لتيم بورتون، هو أوَّل خروج تمثيلي لها من كنف الأب، قبل أن تعود إليه في أفلام أخرى، آخرها "العرّاب 3" (1990)، مؤدّية فيه دور ماري كورليوني، ابنة مايكل كورليوني (آل باتشينو).
لكن دورها هذا، الذي يُطلب منها تأديته في اللحظات الأخيرة قبل بدء التصوير، بعد تعرّض وينونا رايدر لعارضٍ صحّي، يُعتبَر الأسوأ لها، إلى درجة حصولها على جائزة Razzie أسوأ دور. لها بعده أدوار سينمائية قليلة (أفلام مستقلّة)، ومشاركات أدائية في أشرطة "فيديو كليب"، كشريطي Electrobank عام 1997 لـ "كيميكال براذرز"، وDeeper And Deeper عام 1993 لمادونا.
من التلفزيون إلى الأزياء، وهذه الأخيرة تعرفها صوفيا كوبولا عندما عملت مُساعدة لكارل لاغرفيلد في باريس (كانت تخضع لجلسات تصوير فوتوغرافي لأزيائه)، بَنَت الصبيّة، المتحدرة من عائلة فنية، بدءاً من جدّها لوالدها كارمين كوبولا، المؤلّف الموسيقي، ووالدتها إليانور، الكاتبة والمخرجة الوثائقية، وشقيقها المخرج رومان، وأقاربها الممثلون تاليا شير ونيكولاس كايج وروبرت كارمين وجايزون شْفَارتزمان، عالمها السينمائيّ كمخرجة، بدءاً من Lick The Star (روائي قصير، 14 د.، 1998).
اقــرأ أيضاً
بعد عروضٍ لها في عالم الأزياء في طوكيو، في تسعينيات القرن الـ 20، أسَّست داراً لتصاميمها، خصّصت مبيعاتها باليابان فقط. لذا، لن يكون مفاجئاً أن تُنجز فيلمها الروائي الطويل الثاني، بعد "انتحار العذراوات" (1999)، في اليابان أيضاً، بعنوان Lost In Translation عام 2003، والذي فاز بـ "أوسكار" أفضل سيناريو أصلي، نالته هي، و"غولدن غلوب" في فئات أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي، وأفضل ممثل في فيلم موسيقي أو كوميدي (بِلْ موراي)، وأفضل سيناريو أصلي. بالإضافة إلى "سيزار" الفرنسية في فئة أفضل فيلم أجنبي، وجوائز عديدة أخرى.
بعد 12 عاماً، التقت كوبولا الممثل، موراي، في فيلم تلفزيوني لحساب "نتفلكس"، بعنوان A Very Murray Christmas: يؤدّي موراي دور بل موراي نفسه، القلق من عدم مجيء بعض المشاهير إلى حلقته التلفزيونية، بسبب عاصفة ثلجية تهبّ على نيويورك. لكن هؤلاء سيزورونه فجأة في "أوتيل كارليل"، للاحتفال معه بروح الميلاد.
السيرة الحياتية لماري أنطوانيت، في فيلمٍ يحمل اسمها (2006)، لم تنل إعجاب الفرنسيين، وإنْ اختير في المسابقة الرسمية لمهرجان "كانّ"، ذاك العام. بعده بـ 4 أعوام، يحصل Somewhere على جائزة "الأسد الذهبيّ"، في "مهرجان فينيسيا الدولي" (2010): ممثل ناجح في هوليوود، لم يعد قادراً على تحمّل أنماط عيشه.
أما The Bling Ring عام 2013 ، فعن 5 مراهقين مهووسين بالشهرة، يستخدمون شبكة إنترنت لاختراق أجهزة الحماية الخاصّة بمنازل المشاهير، بنيّة السرقة.
صوفيا كوبولا، والتي كانت عام 2002 الوجه الدعائيّ لعطور "مارك جاكوبز"، هي التي أنجزت شريطاً إعلانيّاً لعطور "مس ديور"، وهي "إيقونة" الثقافة الشعبية الأميركية، في مجاليّ موسيقى الـ "روك" والسينما المستقلّة.
بالإضافة إلى هذا، أخرجت أوبرا "مانون ليسكوت" لبوتشيني، في "دار أوبرا مونبيلييه"، في موسم 2009 ـ 2010. كما أخرجت، عام 2016، أوبرا "لا ترافياتا" لغويسيبي فيردي، لحساب "دار أوبرا روما".
اقــرأ أيضاً
النسخة الأولى فشلت تجارياً (مليون و100 ألف دولار أميركي فقط في أميركا). أما نسخة كوبولا، ابنة السينمائيّ فرنسيس فورد كوبولا، فتختلف عنها، بإضفاء مسحة نسائية على السياق الحكائيّ: تدور الأحداث في زمن "الحرب الأهلية الأميركية" (1861 ـ 1865). فرغم عنف "حرب الانفصال" تلك (كما يُطلق عليها أيضاً)، الممتد في أمكنة كثيرة، تمكّنت المدرسة الداخلية الخاصّة بالفتيات، بإدارة مارتا فرانسوورث، أن تبقى خارج الصراعات كلّها، بشكل تام. لكن، ذات يوم، تستقبل المدرسة جندياً مُصاباً بجروحٍ بليغة.
لحظة الاستقبال هذه، المفعمة بحسّ إنسانيّ، ستكون مدخلاً إلى كشف عوالم، وتفكيك علاقات وحالات، وإظهار بعض المخفيّ. وإذْ تلتزم نسخة سيغال وجهة نظر ذكورية، فإن صوفيا كوبولا ستغيّرها، بعد 46 عاماً. ففي مقالته المنشورة في المجلة السينمائية الفرنسية "بروميير" (مارس/ آذار ـ أبريل/ نيسان 2017)، كتب فريديرك فوبير أن "أسطورة إيستوود" في النسخة الأولى مبنية على "الخوف من النساء، والهاجس المرضي بالمروءة، ووسواس العجز". أما النسخة الجديدة، فتتميّز بكونها "إعادة قراءة للتُحفة الأدبية المجهولة".
لن تُروى القصّة بلسان الجندي الذي يؤدّي كولن فاريل دوره في النسخة الجديدة، بل من خلال وجهات نظر نساء المدرسة الداخلية، "حسناوات الجنوب"، وتحديداً عبر 3 نساء تمثّلن 3 أجيال، وتؤدِّي نيكول كيدمان وكيرستن دانست وإيلّ فانينغ أدوارهنّ، بإدارة كوبولا الابنة.
أما صوفيا كوبولا، فمتعدّدة الاهتمامات الفنية، إذْ تبدأ التمثيل في الثانية من عمرها، كرضيعةٍ في "العرّاب" الأول لوالدها (1972)، هي التي تظهر لاحقاً في أفلامٍ له أيضاً، كـ "العراب 2" (1974)، وThe Outsiders عام (1983) ، وRumble Fish ، وThe Cotton Club عام (1984)، وغيرها. علماً أن Frankenweenie المصور عام (1984)، لتيم بورتون، هو أوَّل خروج تمثيلي لها من كنف الأب، قبل أن تعود إليه في أفلام أخرى، آخرها "العرّاب 3" (1990)، مؤدّية فيه دور ماري كورليوني، ابنة مايكل كورليوني (آل باتشينو).
لكن دورها هذا، الذي يُطلب منها تأديته في اللحظات الأخيرة قبل بدء التصوير، بعد تعرّض وينونا رايدر لعارضٍ صحّي، يُعتبَر الأسوأ لها، إلى درجة حصولها على جائزة Razzie أسوأ دور. لها بعده أدوار سينمائية قليلة (أفلام مستقلّة)، ومشاركات أدائية في أشرطة "فيديو كليب"، كشريطي Electrobank عام 1997 لـ "كيميكال براذرز"، وDeeper And Deeper عام 1993 لمادونا.
من التلفزيون إلى الأزياء، وهذه الأخيرة تعرفها صوفيا كوبولا عندما عملت مُساعدة لكارل لاغرفيلد في باريس (كانت تخضع لجلسات تصوير فوتوغرافي لأزيائه)، بَنَت الصبيّة، المتحدرة من عائلة فنية، بدءاً من جدّها لوالدها كارمين كوبولا، المؤلّف الموسيقي، ووالدتها إليانور، الكاتبة والمخرجة الوثائقية، وشقيقها المخرج رومان، وأقاربها الممثلون تاليا شير ونيكولاس كايج وروبرت كارمين وجايزون شْفَارتزمان، عالمها السينمائيّ كمخرجة، بدءاً من Lick The Star (روائي قصير، 14 د.، 1998).
بعد عروضٍ لها في عالم الأزياء في طوكيو، في تسعينيات القرن الـ 20، أسَّست داراً لتصاميمها، خصّصت مبيعاتها باليابان فقط. لذا، لن يكون مفاجئاً أن تُنجز فيلمها الروائي الطويل الثاني، بعد "انتحار العذراوات" (1999)، في اليابان أيضاً، بعنوان Lost In Translation عام 2003، والذي فاز بـ "أوسكار" أفضل سيناريو أصلي، نالته هي، و"غولدن غلوب" في فئات أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي، وأفضل ممثل في فيلم موسيقي أو كوميدي (بِلْ موراي)، وأفضل سيناريو أصلي. بالإضافة إلى "سيزار" الفرنسية في فئة أفضل فيلم أجنبي، وجوائز عديدة أخرى.
بعد 12 عاماً، التقت كوبولا الممثل، موراي، في فيلم تلفزيوني لحساب "نتفلكس"، بعنوان A Very Murray Christmas: يؤدّي موراي دور بل موراي نفسه، القلق من عدم مجيء بعض المشاهير إلى حلقته التلفزيونية، بسبب عاصفة ثلجية تهبّ على نيويورك. لكن هؤلاء سيزورونه فجأة في "أوتيل كارليل"، للاحتفال معه بروح الميلاد.
السيرة الحياتية لماري أنطوانيت، في فيلمٍ يحمل اسمها (2006)، لم تنل إعجاب الفرنسيين، وإنْ اختير في المسابقة الرسمية لمهرجان "كانّ"، ذاك العام. بعده بـ 4 أعوام، يحصل Somewhere على جائزة "الأسد الذهبيّ"، في "مهرجان فينيسيا الدولي" (2010): ممثل ناجح في هوليوود، لم يعد قادراً على تحمّل أنماط عيشه.
أما The Bling Ring عام 2013 ، فعن 5 مراهقين مهووسين بالشهرة، يستخدمون شبكة إنترنت لاختراق أجهزة الحماية الخاصّة بمنازل المشاهير، بنيّة السرقة.
صوفيا كوبولا، والتي كانت عام 2002 الوجه الدعائيّ لعطور "مارك جاكوبز"، هي التي أنجزت شريطاً إعلانيّاً لعطور "مس ديور"، وهي "إيقونة" الثقافة الشعبية الأميركية، في مجاليّ موسيقى الـ "روك" والسينما المستقلّة.
بالإضافة إلى هذا، أخرجت أوبرا "مانون ليسكوت" لبوتشيني، في "دار أوبرا مونبيلييه"، في موسم 2009 ـ 2010. كما أخرجت، عام 2016، أوبرا "لا ترافياتا" لغويسيبي فيردي، لحساب "دار أوبرا روما".