حكاية أحدهم

13 نوفمبر 2015
حسن الشاعر/ المغرب
+ الخط -

حكاية أحدهم مع وسائط إعلامه تماثل حكاية مسكينٍ دُفع محطَّماً خارج غرفة تعذيب ركلاً بالأقدام، فتحامل على نفسه ووقف، وسار ذاهلاً متوجعاً يسأل كلَّ من يمر به: "قل لي من فضلك، من أنا؟ من أنا؟".

وتعترض الوسائط الإعلامية هذا الذاهل، أو تتلقفه، وتجيب عن سؤاله الوجودي بحماس أحياناً وفتور في أحيان أخرى. وكلها، تقريباً، يعتقد أنه مسؤول عن حلّ هذه الأزمة الوجودية وتقديم الإجابة الشافية الوافية.

ويأتي حواة الفضائيات على رأس القائمة، فهذا يخرج أرنباً من قبعة ويقول للمذهول: "أنت أرنب"، وذاك يخرج سلحفاة ويهتف: "ألا ترى أنك سلحفاة؟".. وهكذا.

ويتوهم المعذّب المسكين أنه وقع على الجواب، فيدور بين الناس هاتفاً: انظروا.. أنا أرنب.. أنا أرنب، أو: أنا سلحفاة.. أنا سلحفاة.

ويمتدّ حبل الحكاية، ولا تتغير الأجوبة، اللهم إلا حين يمرّ إعلاميٌّ مثقف داروينياً، فيقول للمذهول الحائر: "أنت قردٌ ابن قرد"! فيأخذ هذا -وقد أفقده التعذيبُ حاسة التمييز- قرديته أمراً مسلّماً به، ويمكن أن يقاتل بأسنانه وأظافره دفاعاً عنها، بل قد يتحوّل إلى "كاتب" أو "مفكّر" يكرّس حياته لشتم كل من يؤكد له أنه إنسان ابن إنسان.

المساهمون