قبل ثلاثة أسابيع، انشغل كثيرون بقصة قيام عدد من المواطنين المصريين بتعرية سيدة وسحلها في الشارع على مرأى ومسمع من المارة، في محافظة المنيا جنوب البلاد، على خلفية أحداث عنف طائفية متكررة في مصر.
قيل إن الأحداث اشتعلت بسبب تكشف تفاصيل علاقة غير شرعية بين ابن الضحية المسيحي وزوجة صديقه المسلم في القرية الصغيرة التي يعيش فيها مسلمون ومسيحيون بسلام منذ مئات السنين.
في الوقت ذاته كانت واقعة اغتصاب شاب مسيحي لفتاة مسلمة قبل قتلها في قرية أخرى بمحافظة الشرقية في دلتا النيل شمالاً، متداولة، ربما رداً على القصة الأولى، ليبدأ تراشق خشن بين مصريين يعزف كثير منهم النغمة الطائفية ليل نهار بالتوازي مع حديث رائج عن شعارات التدين في البلاد، كما لم يخل الأمر من مقارنات ومقاربات بين التفاعل الإعلامي تجاه الجريمتين.
احتدم الجدل لأيام معدودة حول القصة الأولى، وانزوت القصة الثانية سريعاً، وحتى اليوم لم تظهر نتائج التحقيقات في أي من الجريمتين، لينساهما المصريون كالعادة ويتفرغوا لهموم أخرى، أبرزها ما يظهر على شاشات التلفزيون في شهر رمضان.
منذ اليوم الأول من رمضان تطارد المصريين عبر الشاشات، كما في الشوارع والطرقات؛ برامج وإعلانات تطالبهم بالتبرع لعمل الخير والمشاركة في مشروعات خيرية. هذا مستشفى للقلب، وذاك للكبد، وثالث للسرطان، وهذا مشروع لدعم اليتامى، وذاك للأرامل، وآخر للفقراء. إعلانات تكفي تكلفة إنتاجها لسد حاجات آلاف المحتاجين، ويبدو الإصرار على تكرارها نموذجاً مقيتاً لجريمة تسوّل أو ابتزاز ينبغي التعامل القضائي الجاد معها، لكنه طبعاً مغلف برضى ورعاية الدولة، أو "شبه الدولة" بحسب رئيس النظام.
يتعلل البعض بأن تلك الإعلانات تحفز كثيرين للتبرع وعمل الخير، والواقع أن أهل الخير لا ينتظرون تلك الإعلانات السمجة للتبرع، ولا يعنيهم المشاركة في تلك المشروعات الدعائية التي تنفق أموالهم على شركات الإعلانات والقنوات التي تتعامل مع رمضان باعتباره شهر الأرباح. وبمناسبة الأرباح، يتكرر سنوياً أن تكلفة مسلسلات وبرامج رمضان مبالغ فيها، وأن الفقراء أولى بتلك الملايين من النجوم والمشاهير، وأن إنفاق تلك الأموال على مواد إعلامية نوع من الفساد الذي ينبغي أن يتوقف، وأن يتم توجيه تلك الأموال إلى مشروعات حقيقية يستفيد منها البسطاء والفقراء.
وبينما تبدو الفكرة نظرياً صحيحة، إلا أن الواقع يؤكد أن البسطاء والفقراء هم الأكثر إقبالاً على متابعة تلك المواد التلفزيونية، وأنّها تغازلهم بالأساس، ولو أنهم قاطعوها عاماً واحداً لاختفت.
اقــرأ أيضاً
قيل إن الأحداث اشتعلت بسبب تكشف تفاصيل علاقة غير شرعية بين ابن الضحية المسيحي وزوجة صديقه المسلم في القرية الصغيرة التي يعيش فيها مسلمون ومسيحيون بسلام منذ مئات السنين.
في الوقت ذاته كانت واقعة اغتصاب شاب مسيحي لفتاة مسلمة قبل قتلها في قرية أخرى بمحافظة الشرقية في دلتا النيل شمالاً، متداولة، ربما رداً على القصة الأولى، ليبدأ تراشق خشن بين مصريين يعزف كثير منهم النغمة الطائفية ليل نهار بالتوازي مع حديث رائج عن شعارات التدين في البلاد، كما لم يخل الأمر من مقارنات ومقاربات بين التفاعل الإعلامي تجاه الجريمتين.
احتدم الجدل لأيام معدودة حول القصة الأولى، وانزوت القصة الثانية سريعاً، وحتى اليوم لم تظهر نتائج التحقيقات في أي من الجريمتين، لينساهما المصريون كالعادة ويتفرغوا لهموم أخرى، أبرزها ما يظهر على شاشات التلفزيون في شهر رمضان.
منذ اليوم الأول من رمضان تطارد المصريين عبر الشاشات، كما في الشوارع والطرقات؛ برامج وإعلانات تطالبهم بالتبرع لعمل الخير والمشاركة في مشروعات خيرية. هذا مستشفى للقلب، وذاك للكبد، وثالث للسرطان، وهذا مشروع لدعم اليتامى، وذاك للأرامل، وآخر للفقراء. إعلانات تكفي تكلفة إنتاجها لسد حاجات آلاف المحتاجين، ويبدو الإصرار على تكرارها نموذجاً مقيتاً لجريمة تسوّل أو ابتزاز ينبغي التعامل القضائي الجاد معها، لكنه طبعاً مغلف برضى ورعاية الدولة، أو "شبه الدولة" بحسب رئيس النظام.
يتعلل البعض بأن تلك الإعلانات تحفز كثيرين للتبرع وعمل الخير، والواقع أن أهل الخير لا ينتظرون تلك الإعلانات السمجة للتبرع، ولا يعنيهم المشاركة في تلك المشروعات الدعائية التي تنفق أموالهم على شركات الإعلانات والقنوات التي تتعامل مع رمضان باعتباره شهر الأرباح. وبمناسبة الأرباح، يتكرر سنوياً أن تكلفة مسلسلات وبرامج رمضان مبالغ فيها، وأن الفقراء أولى بتلك الملايين من النجوم والمشاهير، وأن إنفاق تلك الأموال على مواد إعلامية نوع من الفساد الذي ينبغي أن يتوقف، وأن يتم توجيه تلك الأموال إلى مشروعات حقيقية يستفيد منها البسطاء والفقراء.
وبينما تبدو الفكرة نظرياً صحيحة، إلا أن الواقع يؤكد أن البسطاء والفقراء هم الأكثر إقبالاً على متابعة تلك المواد التلفزيونية، وأنّها تغازلهم بالأساس، ولو أنهم قاطعوها عاماً واحداً لاختفت.