حقوق المرأة الموريتانية لم تكتمل بعد

18 ابريل 2015
المرأة الموريتانية مستبعدة من المناصب العليا (فرانس برس)
+ الخط -
تقف سيطرة القوى العشائرية وثقل التقاليد في موريتانيا حجر عثرة أمام تقدم المرأة في البلاد. ليضاف ذلك إلى عدم تنفيذ القوانين الداعمة للمرأة، وتأثير التيار الديني المتشدد الداعي لإقصائها.

وفي البوادي خصوصاً ما زالت المرأة تعاني من الأميّة والفقر والتهميش. أما في باقي أنحاء موريتانيا، فتكافح من أجل التقدم في المجالين الاقتصادي والسياسي، وتحارب الإقصاء الاجتماعي يوماً بيوم.

ويشكل انتشار ظاهرة زواج القاصرات في موريتانيا أكبر تحدٍّ يواجه المنظمات النسائية والجمعيات الحقوقية. وهي الجهات التي تطالب بسنّ قوانين تمنع الزواج المبكر وتعالج المشاكل الاجتماعية المرتبطة به في الأرياف والبوادي. ومع ذلك، فثقل التقاليد المحلية يجعل مطالبها بعيدة عن التحقق.

كما تعاني المرأة الموريتانية من وجود مناهضين لحقوقها في المراكز العليا لصنع القرار. وتعاني أيضاً من الفتاوى الدينية التي تستهدف حقوقها. ومن ذلك رفض لجوء المرأة إلى القضاء من أجل تسوية النزاعات، وسجن العائلات لبناتها اللواتي يتزوجن من دون موافقتها.

وعلى صعيد المناصب، ما زالت المرأة الموريتانية محرومة من العمل قاضية. كما يمنع على الدعاة النساء الانتماء للروابط الخاصة بعلماء الدين. ويحرمن من الظهور الإعلامي ومن لعب دور في توعية النساء في المساجد. ويطال التمييز ميدان الأعمال والتجارة. وتضع المؤسسات المالية والمصارف شروطاً كثيرة لاستفادة النساء من القروض الكبرى والامتيازات التي تمنح لرجال الأعمال.

يقول الباحث الاجتماعي أحمد ولد الزين لـ "العربي الجديد" إنّ قضايا المرأة في موريتانيا تصطدم بالمجتمع التقليدي الذي ما زال يفرض عليها قيوداً تشكل مصدر قلق لكلّ المدافعين عن حقوقها، والمطالبين باحترام القيم والمساواة التي يكفلها دستور البلاد.

ويشير إلى أنّ المرأة الموريتانية ناضلت لانتزاع حقوقها، لكنها تعاني من الإقصاء والتهميش في مجتمع ذكوري. كما أنّ هناك مناهضين لحقوق المرأة في مراكز صنع القرار.

ويرى ولد الزين أنّ "هناك تراجعاً نسبياً في مكتسبات المرأة الموريتانية، فقد كان من المفترض أن تتطور المكتسبات بحسب المناصفة والمساواة، ورفع تمثيل النساء في جميع المواقع التي كانت حكراً على الرجال". ويطالب الباحث ببذل المزيد من الجهود لرفع الظلم عن المرأة وتحسين ظروف عيشها وتقليص الفقر ومكافحة الإقصاء الاجتماعي.

من جهتها، بدأت الحكومة الحالية بخطوات لتعزيز مكانة المرأة عبر تنويع القوانين الضامنة لحقوقها، وتطوير مدونة الأحوال الشخصية، والقضاء على أشكال العنف المبني على أساس الجنس.

وشهدت المشاركة السياسية للمرأة توسعاً كبيراً بتعيين ثماني وزيرات في الحكومة من بينهن وزيرة الخارجية. كما يصل عدد النساء في البرلمان الموريتاني إلى 20 امرأة. وبلغ عدد النساء من بين المستشارين البلديين الذين تم انتخابهم 1120 مستشارة من أصل 3688 مستشاراً، أي ما نسبته 30.37 %.

أما على مستوى قانون الأحوال الشخصية، فما زالت القوانين تحرم المرأة من حقها في اختيار الوكيل الذي تراه مناسباً لإبرام عقد الزواج. وتحرم من حقها كأم في أن تكون لها الوصاية على ثروة الأبناء بعد وفاة الزوج. وما زالت القوانين تعطي الزوج حق الطلاق كحق أحادي.

بدورها، عرفت قوانين العمل تمييزاً إيجابياً لصالح المرأة. فقد أصبح الرجل والمرأة متساويين في سن التقاعد بعد سَنّ قانون يسمح للمرأة بالعمل الى سن 65 عاماً، بينما كانت تتقاعد في الخامسة والأربعين سابقاً. كما تم إصدار قانون يسمح لعائلة المرأة التي تموت بعد تقاعدها بالاستفادة من راتبها.

وفي هذا الإطار، تقول الحقوقية مريم بنت محمد محمود إنّ المنظمات الحقوقية والنسائية تخوض حرباً ضد ثقافة إقصاء المرأة وتحجيم دورها في بناء الدولة، وتعزيز حقوقها وتفعيل مساواتها بالرجل. وتضيف لـ"العربي الجديد": "نركز اليوم على ترسيخ حضور فاعل للمرأة في الإدارة ومراكز القرار وصنع السياسات العامة والقرارات السياسية.. كما نهتم بمحاربة التمييز الذي يطال الدعاة النساء. والتمييز الذي يحرم سيدات الأعمال من التمويلات والمناقصات. بالإضافة الى منع النساء من العمل قاضيات".

وتعتبر بنت محمود أنّ سن قوانين جديدة تمنح المرأة حقوقاً تحسن وضعها، مرتبط بمحاربة بعض العوامل الثقافية والاجتماعية، وتطوير عمل وسائل الإعلام المحلية التي تروّج لتعدد الزوجات، وتسجن المرأة في دورها التقليدي.
المساهمون
The website encountered an unexpected error. Please try again later.