اتهمت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، منظمة "هيومان رايتس ووتش"، بدعم الجماعات الإرهابية، وتلقي تمويلات مالية من قطر، وجماعة الإخوان، على خلفية إصدارها تقريرا يكشف عن عمليات التعذيب الممنهج داخل السجون المصرية، والتي اعتبرتها اللجنة البرلمانية "ضئيلة" إذا ما قورنت بأعداد السجناء.
وادعى رئيس اللجنة، علاء عابد، أن المنظمة الحقوقية "تتلقى دعماً سنوياً يُقدر بأكثر من 250 مليون دولار من قطر، والإخوان، لضرب استقرار الدولة المصرية"، مشيراً إلى أن المعلومات التي تصل للخارج عن مصر وراءها المصادر المعادية للنظام الحالي، على اعتبار أنها الأعلى صوتاً.
وطالب عابد، في اجتماع اللجنة، الإثنين، بزيادة دعم النظام الحاكم للهيئة العامة للاستعلامات (حكومية) مادياً ولوجستياً، قائلاً: "كيف سيصل صوتنا إلى أكثر من 200 دولة، في غياب مكاتب الهيئة الرسمية؟ تقرير المنظمة مليء بالافتراءات، ولا أساس له على أرض الواقع، ولكن لا صوت لمصر في الخارج لتوضيح الحقائق".
وأضاف عابد، وهو ضابط شرطة سابق اتهم في قضية تعذيب، أن "المنظمة اعتادت الهجوم على مصر لصالح جماعة الإخوان، وتقريرها تضمن الكثير من الوقائع المنسوبة إلى مصادر غير معلومة، أو تحت أسماء وهمية"، متسائلاً عن مغزى التوقيت الذي اختارته المنظمة لإصدار تقريرها، في ظل محاولات مصر لتحسين وضعها الاقتصادي.
بدوره، قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، الصحافي ضياء رشوان، إن الهيئة دعت المراسلين الأجانب إلى مقرها، اليوم، لتسليمهم بيانا مترجما إلى 5 لغات، للرد على تقرير هيومن رايتس ووتش، معتبراً أن توثيق المنظمة لتسع عشرة واقعة تعذيب "رقم ضئيل للغاية"، مقارنة بوجود عشرات الآلاف من السجناء، ونحو أربعين ألف ضابط بوزارة الداخلية.
وأضاف رشوان أن هيئة الاستعلامات، وهي هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية، كانت تمتلك 96 مكتباً حول العالم في عام 1990، إلا أنها تقلصت حالياً إلى 16 مكتبا فقط، داعياً أجهزة الدولة إلى دعم الهيئة ومدها بالمعلومات اللازمة حتى تستطيع أداء دورها، والرد على أي ادعاءات بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر أمام المحافل الدولية.
وطالب رشوان باتخاذ إجراءات قانونية ضد المنظمة الحقوقية، لإلزامها بتقديم أدلة على الوقائع الواردة في تقريرها، مدعياً أن تقريرها غير مهني أو موضوعي، واعتمد على باحث واحد فقط، وليس لجنة، إلا أنه استدرك بقوله "يجب أيضا عدم التهوين من دور هذه المنظمات خارجياً، والرد عليها بشكل احترافي".
تقرير "تافه"
فيما قال رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، محمد فايق، إن التقرير يعكس دور المنظمة المشبوه، وانحيازها السافر إلى جماعة الإخوان منذ فض اعتصام "رابعة العدوية" المسلح، مطالباً بعدم إعطاء التقرير حجماً أكبر من حجمه، لأنه لا يستحق كل هذا الاهتمام من الدولة (النظام)، بوصفه "تقريراً تافهاً"، على حد تعبيره.
وأضاف فايق أن "التقرير يفتقد لجميع معايير المهنية، إلا أنه يعد بمثابة مرجعية أساسية للولايات المتحدة"، مدعياً أن المنظمة "تضم بين أعضائها عناصر إرهابية، وهو ما يظهر في تقاريرها (المسيسة)، واعتمادها على منظمات مشبوهة، مثل منظمة (الكرامة)، التي تتلقى تمويلات خارجية لصالح الهجوم على مصر".
وتابع أن "ادعاءات هيومن رايتس ووتش عن التعذيب الممنهج في السجون غير صحيحة، لأن "حالات التعذيب فردية، ووزارة الداخلية تتعامل معها بحسم، وقدمت بعض الضباط للمحاسبة، من دون أن تعلن عنهم"، زاعماً أن وزارة الداخلية تغيرت بشكل كبير، وبدأت في تنفيذ مبادرات في مجال حقوق الإنسان، مثل إصدار ميثاق أخلاقي، وإخضاع ضباطها لدورات تدريبية.
وقال عضو المجلس، منصف سليمان، إن مصر في حالة دفاع شرعي عن نفسها، وهناك تسجيلات مصورة لبعض قيادات جماعة الإخوان في سجن العقرب، تفيد بعدم وجود حالات تعذيب في السجن، ومعاملتهم بصورة حسنة، مستنكراً تجاهل تقرير المنظمة للعمليات الإرهابية، وسقوط شهداء من الجيش والشرطة.
في المقابل، طالب الحقوقي حافظ أبو سعدة، بضرورة تعاطي النظام المصري مع تقارير حقوق الإنسان بشيء من الجدية، موضحاً أن لجنة مناهضة التعذيب أوفدت بعثة سرية إلى مصر أخيراً، وخرجت بتقرير يفيد بحدوث وقائع تعذيب ممنهج في السجون، وهو ما يستوجب الرد عليه بشكل رسمي من خلال أجهزة الدولة.
قانون الجمعيات الأهلية
وحسب أبو سعدة، فإن أخطر ما جاء في تقرير هيومن رايتس ووتش، هو الاستنتاج بوقوع تعذيب منهجي، واستهداف اسم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بشكل مباشر، من دون قصر المسألة على قضية التعذيب، الأمر الذي يستلزم إعادة النظر في بعض الإجراءات، مثل تعديل قانون الجمعيات الأهلية، الذي يواجه انتقادات خارجية واسعة.
من جهته، قال رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بالبرلمان، عبد الهادي القصبي، إن اللجنة على استعداد لتعديل القانون في حال وجود اعتراضات منطقية على بعض مواده، مشيراً إلى ذهابه إلى واشنطن خلال الأشهر الأخيرة، ومواجهته اعتراضاً وحيداً في النص الخاص باقتطاع 10 في المائة من التمويل المقدم للمجتمع المدني لصالح الحكومة.
إلى ذلك، أصدرت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان بياناً رسمياً، زعمت فيه أن تقرير هيومان رايتس ووتش يحتوي الكثير من المغالطات، من دون ذكرها، ولفت إلى "دأب المنظمة على تناول أوضاع حقوق الإنسان في مصر بصورة غير حقيقية، تعبر عن توجهات ونوايا وأسباب خلفيتها سياسية، أكثر من مجرد الحرص على مفهوم حقوق الإنسان".
وقالت اللجنة النيابية إن "تقرير المنظمة حمل تدخلاً صريحاً في شأن السلطات المصرية كافة، سواء التنفيذية أو التشريعية أو القضائية، في تحريض واضح للمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات عقابية ضد الدولة المصرية في المحافل الدولية، الأمر الذي لا ينفصل عن قرار الولايات المتحدة بخفض مساعداتها العسكرية والاقتصادية لمصر".
وأضافت اللجنة أن لهجة التقرير "تظهر مساندتها لجماعة الإخوان، رغم إزاحتها من سدة الحكم في مصر"، فضلاً عن تجاهل حقوق أفراد وضباط الشرطة والقوات المسلحة في الحياة، وفي العودة لأسرهم، وعدم ذكر ما يواجهونه في سبيل توفير الأمن والاستقرار لكافة فئات الشعب المصري.
واستنكرت اللجنة كل ما جاء بالتقرير من تدخلات في الشأن المصري، معتبرة أن أجهزة الدولة ممثلة في وزارة الخارجية، والهيئة العامة للاستعلامات، يقع عليها عبء كبير في تصحيح الصورة الحقيقية لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، من خلال تحرك نشط للسفراء بالخارج، ودعمهم بالكوادر ذوي الخبرة الدولية في هذا المجال.