قرر اللواء المتقاعد خليفة حفتر شنّ حرب متعددة الجبهات في الغرب الليبي، بعد فشل حملته للسيطرة على العاصمة طرابلس، وذلك بهدف تثبيت وجوده العسكري في أكثر من منطقة غرب البلاد، وتقليص مساحات الأراضي التي تسيطر عليها حكومة "الوفاق"، قبل القبول بأي وساطة لوقف إطلاق النار والعودة للعملية السياسية.
وأكدت مصادر برلمانية من طبرق، لـ"العربي الجديد"، سعي حفتر حالياً إلى تعزيز موقفه العسكري، قبل القبول بأي وساطة جديدة للتفاوض مع الحكومة في طرابلس.
وأشارت المصادر إلى أن عسكريين مقربين من حفتر باتوا على يقين بأن قواته هزمت بحسب الأعراف العسكرية أمام قوات حكومة "الوفاق" في طرابلس، وأنه يتوجب عليه البحث عن بديل سريع. ويتمثل البديل، بحسب المصادر، في محاولة التقدم في أكثر من اتجاه.
فبعد سيطرته على غريان وترهونة وصرمان وصبراتة، وهي مدن تشكل طوقاً حول العاصمة، ستذهب فصائل أخرى تابعة لحفتر للسيطرة على مناطق شرق العاصمة، على رأسها سرت وبني وليد، بهدف إضعاف قوة مدينة مصراتة وتشتيتها، كونها القوة الرئيسية للحكومة حالياً.
وكان المتحدث باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق الليبي، مصطفى المجعي، قد كشف عن تواصل قوات حفتر مع خبراء من روسيا، من أجل مساعدته على فتح جبهة قتال جديدة في شرق سرت.
وأشار المجعي خلال تصريحات صحافية أدلى بها أمس السبت، إلى مساعدة خبراء روس لقوات حفتر في تجهيز مستشفى ميداني في هراوة القريبة من سرت.
وجاءت تصريحات المجعي قبل إعلان رسمي للمؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، ليل أمس السبت، عن سيطرة مسلحين تابعين لحفتر على مهبط ميناء السدرة ورسو سفن حربية بميناء راس لانوف في منطقة الهلال النفطي، وسط البلاد، مستنكرة استخدام المنشآت النفطية في أغراض عسكرية وحربية.
وقال البرلمانيون إن سيطرة حفتر على الجنوب والشرق وأكثر من نصف الغرب الليبي، سيظهره في موقف الرجل القوي للقبول بأي وساطة سيسعى لها حلفاؤه المتورطون في حملته على طرابلس، والتي كان قد خطط لها بألا تتجاوز 48 ساعة، قبل أن تُفشل فصائل طرابلس خطته، وتكشف نوايا حلفائه داخل العاصمة.
وبخلاف ما يشاع من وجود دعم عسكري إلى جانب قوات حفتر في حربها الحالية على طرابلس، أكدت شهادة البرلمانيين أن الدولة الوحيدة التي تمد حفتر بالسلاح حالياً هي الإمارات التي تشارك أيضاً من خلال قصف جوي تنفذه طائرات مسيرة من قاعدة الوطية، غرب العاصمة.
المصادر قالت أيضاً إن الدعم الذي تقدمه روسيا وفرنسا ومصر لا يتجاوز الخبرة العسكرية والاستخبارية، من خلال خبراء موجودين إلى جانب قواته منذ وقت طويل، ويتنقلون بين القواعد العسكرية التي سيطر عليها حفتر في قاعدة براك الشاطئ جنوباً، والحفرة والوطية غرباً.
وعكست تصريحات قادة عواصم كبرى، بعضها داعم لحفتر، ما يشير إلى رغبتها في وقف القتال في طرابلس، وعودة الحوار بشأن المستقبل السياسي للبلاد.
وخلال زيارة السكرتير الشخصي لحفتر، اللواء خيري التميمي، لموسكو، يوم الأربعاء الماضي، دعا نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، حفتر، لــ"وقف إطلاق النار واستعادة الحوار والجهود السياسية"، مؤكداً أن بلاده حافظت على علاقاتها مع الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس.
كما سبق للرئاسة الفرنسية أن أكدت في بيان رسمي لخارجيتها، أن موقفها "واضح في دعمها لحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها السيد فائز السراج". ورغم تأكيدات على دورها في عرقلة قرار أممي بشأن وقف حرب حفتر على العاصمة، إلا أن باريس أكدت كذلك أنها "أعلنت معارضتها للحملة العسكرية القائمة، وهي تدعو مجدداً إلى وقف سريع لإطلاق النار، وإلى استئناف الحوار دون تأخير بغية استهلال عملية سياسية ذات مصداقية، بقيادة الأمم المتحدة".
لكن قادة حكومة "الوفاق"، وعلى رأسهم فائز السراج، يتمسكون برفضهم لوقف إطلاق النار "حتى رجوع قوات حفتر لقواعدها الأولية"، بحسب تصريحات السراج نفسه لصحيفة "لو موند" الفرنسية الأسبوع الماضي.
وأكد السراج أنه "من المستحيل تجديد الحوار السياسي في سياق هذه المعارك"، وأنه "سيكون بعد المعارك على أسس جديدة"، مشدداً مرات عدة على أن حفتر لن يكون جزءاً من العملية السياسية.