حظوظ حكومة المشيشي مرتفعة: لا خيارات أمام الأحزاب

22 اغسطس 2020
يحاول المشيشي فرض شروطه على الأحزاب (فرانس برس)
+ الخط -

لم يبق على عرض الحكومة التونسية الجديدة برئاسة هشام المشيشي على البرلمان التونسي سوى بضعة أيام، مع توافق أغلب المؤشرات على احتمال نجاح الحكومة في نيل ثقة النواب، على الرغم من معارضة العديد من الأحزاب، ولا سيما الرئيسية منها، فالخيارات أمام الكتل البرلمانية تبدو شبه منعدمة، لتكاد تكون مجبرة على المصادقة عليها. في السياق، يقول النائب عن حركة "النهضة"، محمد القوماني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه سيتم تمرير الحكومة لاعتبارات عدة، أهمها أن تونس لا تتحمّل مادياً وسياسياً تنظيم انتخابات مبكرة، ولا بد من إنهاء مهام حكومة تصريف الأعمال وحالة الفراغ الحالية، خصوصاً أن وزارات عدة تعاني من شغور.

وأشار إلى أن هناك توتراً مع الحكومة الحالية لا يمكن أن يستمر أكثر، مضيفاً أن المشيشي لا يزال ماضياً في خياره نحو حكومة كفاءات مستقلة، وقد حاول خلال لقاءاته بالكتل والشخصيات الحزبية تذليل بعض الصعوبات وتبديد مخاوفها بخصوص هذا الخيار، نافياً نيّته إقصاء الأحزاب. وأوضح أن المشيشي عبّر عن رغبته في الوقت نفسه بالتعاون مع الأحزاب، وهذا التعاون قد يتجاوز مجرد تشكيل الحكومة ليشمل البرنامج. ورأى القوماني أن أي حكومة لا يمكن أن تنجح من دون دعم من الأحزاب وإلا لن يتوفر الاستقرار، مشيراً إلى أنه على الرغم من تمسك الأحزاب الرئيسية في البرلمان بحكومة حزبية، إلا أن المشيشي فضّل المضي في خيار حكومة كفاءات.


لا مصلحة لأي حزب في سقوط الحكومة وإعادة الانتخابات

ولكن عوامل عديدة قد تدفع إلى التصويت على حكومة المشيشي، على الرغم من رفض الأحزاب، ومنها عودة انتشار فيروس كورونا وما يتطلبه الوضع الصحي من متابعة. وكشف أن من الأسباب الأخرى أن لا اعتراضات من أغلب الأحزاب على شخص المشيشي، بل هناك من يرى ضرورة منحه الفرصة ثم التقييم. ولفت القوماني إلى أن الوضع السياسي برمته غير طبيعي، فالأحزاب قد تختار تمرير الحكومة وهي ترفض طبيعتها، وبالتالي فهناك نوع من الانزلاق غير الشرعي في المشهد السياسي، مشدّداً على أنه تبقى للأحزاب صلاحيات مراقبة الحكومة أو سحب الثقة منها، وتنتظر تركيبتها التي ستكون عاملاً حاسماً في تمريرها أو لا.

من جهته، رأى النائب عن كتلة "الإصلاح"، هيثم براهم، أن تمرير الحكومة شبه محسوم لأن لا مصلحة لأي حزب في سقوطها وإعادة الانتخابات، فحتى معارضوها قد يصوتون لها، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن سيناريوهات إسقاط الحكومة متعددة وبعضها لا تحبذها الأحزاب كحل البرلمان، ومن بينها أن حكومة تصريف الأعمال الحالية المرفوضة من قبل الأحزاب قد تواصل عملها في حال عدم المصادقة على حكومة المشيشي. بالتالي تستمر الحكومة حتى لو اعترضت الأحزاب على طبيعتها وكانت غير راضية عنها. ولفت براهم إلى أن المرحلة صعبة والخيارات المتاحة قليلة، وبالتالي ستصوت الأحزاب لصالح الحكومة وبعد فترة من العمل ستقيم المعارضة عملها وتمارس دورها. ورأى أن اختيار أقطاب وزارية مصغرة أي تجميع عدد من الوزارات في وزارة واحدة سيكون أفضل حل، لا سيما في هذه الفترة، معتبراً أن خيار الأقطاب يجعل التعامل بين الوزارات أفضل وأنجع.


تونس لا تتحمّل مادياً وسياسياً تنظيم انتخابات مبكرة

أما النائب عن حركة "الشعب"، عبد الرزاق عويدات، فرأى أن سيناريو مرور الحكومة ورفضها متقارب، لا سيما في ظل رفض أغلب الأحزاب فكرة حكومة كفاءات مصغرة، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إلى أن المصادقة على الحكومة رهن فكرة الشراكة مع الأحزاب. وهي الفكرة التي طرحها المشيشي، متسائلاً: كيف ستكون هذه الشراكة، وهل ستكون هناك وثيقة تعاقدية مع الأحزاب؟ هذه النقاط لم تتضح بعد. ورأى أن أمام الأحزاب خياران، إما الموافقة على الحكومة التي اختارها المشيشي أو رفضها، وحينها قد يخرج الأمر من يد الكتل البرلمانية ويكون القرار بيد رئيس الجمهورية، الذي تتوفر أمامه خيارات عدة ومنها حل البرلمان، أو تكليف شخصية ثانية. وذكر عويدات بأن خيار حكومة مصغرة وأقطاب وزارية مرحب به في الحركة، مشيراً إلى أن الفصل بين العديد من الوزارات غير مبرر، إذ يمكن للوزارات أن تعمل ضمن وزارة واحدة، وهو ما يفكك الحواجز بينها ويساعد على ربح الوقت، لأن التواصل يكون أفضل وأنجع. واعتبر أن الأهم من تصويت الأحزاب على الحكومة هو البرنامج، ولا بد من التطرق إلى البرنامج الذي ستعتمده حكومة المشيشي كي تتمكن الأحزاب من محاسبتها.

من جهته، رأى القيادي في "نداء تونس" قاسم مخلوف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن مرور الحكومة يبدو محسوماً، وعلى الرغم من أن العديد من الأحزاب طالبت بحكومة سياسية إلا أنها قد تضطر للمصادقة عليها لأن تلك هي أحكام اللعبة الديمقراطية. وتابع أن الكلمة النهائية ستبقى بيد الأحزاب ولكن يكمن الإشكال في الحزام السياسي للحكومة وفي تمرير القوانين والمشاريع، وهو ما يتطلب حداً أدنى من الانسجام. وأضاف أنه يستبعد حل البرلمان في هذه المرحلة ولكن على الحكومة أن تقنع الأحزاب بالأداء، لافتاً إلى أن الحكومات المصغرة أمر محبّذ، فكلما اتحدت الوزارات يكون للوزير المشرف وضع خطة عمل متكاملة على أن ترتبط ببرنامج واضح.

المساهمون