حظر الكحول في العراق: لا أكياس سوداء بعد اليوم

04 نوفمبر 2016
(متجر لبيع الكحول في بغداد، تصوير: علي يوسف)
+ الخط -

في الفترة ما بين عامي 1920 إلى 1933، كان في الولايات المتحدة قانونٌ يمنع بيع وتصنيع ونقل الكحول، وبعد إلغاء القانون احتفل المواطنون في الحانات رافعين لافتات كتب عليها "لا أكياس سوداء بعد اليوم".

الجملة نفسها يردّدها عراقيون اليوم؛ بسبب إقرار مجلس النواب قانونًا يحظر بيع المشروبات الكحولية، وقد كان المستهلكون في السابق، يشترون شرابهم عبر محال ذات نوافذ صغيرة، أو أبواب مواربة بخوف كبير، بسبب الاعتداءات المتكرّرة التي استهدفت الحانات وبائعي الخمور في بغداد بشكل خاص، وفي باقي المحافظات العراقية.

أثار قانون حظر بيع الخمور، موجة غضبٍ واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ما وُصف بالتعدي على الحرّيات والأقليات من الديانات الأخرى، ولم يقتصر الرفض على المواطنين فقط، إذ ندّد النائب المسيحي في البرلمان العراقي يونادم كنة، عبر حديث متلفز بقانون الحظر، واعتبره تعديا على الحرّيات وخطوة نحو "أسلمة" الدولة، مضيفًا أن القانون سيساعد على انتشار المخدّرات وتعاطيها بين فئة الشباب.

الصحافي العراقي مصطفى ناصر كتب في تدوينة له: "أعضاء مجلس النواب يحنثون بالقسم"، مشيرًا إلى المادة الدستورية المتعلّقة بقسم النواب قبل تسلّمهم المنصب، وأضاف ناصر، أن مجلس النواب شرّع قانونًا يمنع بيع وتداول المشروبات الكحولية، وهو بذلك يصادر الحرّيات الخاصة ولا سيما الأقلّيات من المسيحيين والصابئة، واستطرد أن البرلمان خالف أيضًا المادة الثانية من الدستور، والتي تنصّ على عدم جواز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحرّيات الأساسية على حدّ قوله.

ويقول ناصر في حديث إلى "جيل"، إن "القوانين في العراق تُطبّق بمزاجية، من مجلس القضاء إلى البرلمان إلى السلطة التنفيذية، هناك محال ومخازن لبيع الخمور مستمرة باستيراد وبيع الخمور على الرغم من منعها خلال شهر رمضان، وهذا النوع من النشاط يكون بالاتفاق مع قادة أمنيين كبار، بل بعضها محمي من قبل فصائل مسلحة، لأنها تشكّل مصدر دخل لها".

ويوضّح الصحافي بشأن إمكانية تطبيق القانون، أن هناك صراعًا مستمرًا منذ عام 2011 بين الإسلاميين المتطرّفين وبين مدنيين عراقيين يمثلون منظّمات مجتمع مدني ونخبا ثقافية وأدبية وصحافيين ومدونيين وناشطين حقوقيين وغيرهم، معتبرًا أن ذلك أدى إلى تعطيل عدد من القوانين التي حملت إرادة سياسية إسلامية موحّدة، مثل قانون جرائم المعلوماتية وقانون التظاهر السلمي على حد تعبيره.

ويستشهد ناصر، بأن ما يقارب الـ 90٪‏ من متعاطي الكحول، يستهلكونها بسرّية تامة، وفي النهاية لن يكون هناك اعتراض على مثل هذه القوانين التي تساعد الأعراف الاجتماعية المتناقضة على تمريره، هنا، يقول المتحدث إن هذه المخاوف ليست جديدة، وعادة ما تتراكم من أجل دفع عجلة التمدّن ولو شكليًا في أقرب فرصة ممكنة.

ويتحدّث الناشط السياسي وعضو الحزب الشيوعي العراقي محمود الهيتي، عن الآثار التي قد يترتب عليها تطبيق هذا القانون، معتبرًا أن تطبيق هذا القانون لا يعني توقّف هذه التجارة المربحة، موضحًا أن أسعار المشروبات الكحولية ستشهد ارتفاعاً كبيراً عبر بيعها سرًا في الأسواق الموازية، وبذلك سيدفع المتعاطي للخمور أموالًا طائلة من أجل الحصول عليها.

ويتّفق الهيتي مع ما طرحه النائب كنة، في اعتبار أن حظر الخمور سيؤدّي إلى انتشار المخدّرات، مرجعًا ذلك إلى "المعالجة الخاطئة" التي انتهجها البرلمان في تناوله لمشكلة الخمور في العراق.

ويرى الهيتي أن "العراق اليوم يمر بظروف وأحداث جسيمة تتطلّب إقرار قوانين فعالة تعالج المشاكل المستعصية لحياة العراقيين بشكل عام، وعلى أصعدة متعدّدة فالبرلمان يتجاهل الكثير من التفاصيل المهمّة من حياة المواطن العراقي، ومع ذلك يسارع لإقرار قانون لا يغيّر من حال البلد وربّما يعمّق الأزمة وذلك بإفراز المجرمين والقتلة".

المساهمون