حظر الكتاب مع إيقاف التنفيذ

11 فبراير 2016
مانا نيستاني / إيران
+ الخط -

التضييق على الكتاب في مصر بدأ منذ تولّى النظام الحالي السلطة؛ حيث يتم فرض رقابة على جميع الكتب القادمة من الخارج، إذ تُعرض على لجنة تقرّر ما إذا كانت صالحة لدخول البلاد أم لا، ويزداد التضييق إذا كانت الكتب قادمة من قطر أو تركيا. يُستدعى "المرسل إليه" إلى ما يشبه التحقيق حول مضمون الكتب التي وصلته.

تبدو عودة فكرة"الحظر" أو "الحجب" إلى القاموس الثقافي أمراً مثيراً للسخرية في عالم اليوم الذي يتجاوز بسهولة هذه القرارات السلطوية عبر وسائل لا حصر لها. بل إن قرار الحظر وحده صار أحد أهم العوامل الترويجية للكتاب المحظور أو الموقع الإلكتروني المحجوب.

هيئة الكتاب تزعم أنها لا تملك آلية لحظر الكتب من "معرض القاهرة الدولي للكتاب" (اختتم منذ يومين) من دون سند قانوني. والحقيقة أن النظام في مصر لا يحتاج إلى قانون لتنفيذ رغباته. لذا يحتفي رئيس الهيئة بعملية منع الكتب بصورة غير قانونية حين يقول: "إن وعي المتردّدين على المعرض في العام الماضي واعتراضهم على وجود كتب يوسف القرضاوي في المعرض دفع الناشرين إلى رفعها من المعرض".

الغريب أن "وعي" المتردّدين على المعرض لم يعرف أن كتب القرضاوي كانت موجودة ولا تزال في مكتبات أخرى غير "دار الشروق"، كما أن "وعي" المترددّين هذا لم يتجاوز كتب القرضاوي إلى كتب إباحية وأخرى مسروقة في طبعات مقلدة أو حتى كتب إسرائيلية تترجم في سياق إقامة علاقات أدبية طبيعية مع الكيان الصهيوني.

والواقع أنّ الترويج للكتب المحظورة كان غير مسبوق هذا العام؛ حيث تقمّصت وسائل الإعلام دور المخبرين، وتطوّعت بفتح بلاغات عن دور النشر التي تطبع كتب معارضي النظام. أحد البائعين في سور الأزبكية وجد إقبالاً كبيراً على نسخ كتاب "الورقة" لإسلام جاويش، فقام برفع السعر، وقد سمعت أحد الشباب يقول: "والله ما عاوز الكتاب ده؛ بس هشتريه بالعند فيهم"! وذلك على خلفية إلقاء القبض على المؤلف رسام الكاريكاتير الشاب.

دور النشر التي تتهافت على كتب هؤلاء المحظورين نشراً وتوزيعاً، رفعت بعض هذه الكتب من أرفف المعرض مضطرّة حتى لا تتورّط في صدام مع السلطة ومخبريها. أمّا تفسير الأمر بأنه نابع من رفض شعبي فهو ادعاء تنفي صحّته إعادة طباعة بعضها عشرات الطبعات إضافة إلى الطبعات "غير القانونية". كما أن دور النشر التي تتهافت على تلك الكتاب ليست مؤسسات أصولية بل هي شخصيات تجارية عامة تسعى إلى الربح.

الغريب أن جميع الكتب التي أُشيع أنها مُنعت من دخول معرض الكتاب كانت موجودة بالفعل في الداخل، في مكتبات متفرّقة وفي سور الأزبكية في صورة ورقية أو إلكترونية، وفي نسخ أصلية ومصوّرة.


اقرأ أيضاً: التطبيع في معرض القاهرة: انتقائية دعائية

دلالات
المساهمون