حضرموت تفرمل مشروع "المجلس الانتقالي الجنوبي": لسنا معكم

02 يوليو 2017
حضرموت متوجسة من "المجلس الانتقالي" (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
لم يعد مشروع انفصال جنوب اليمن بناءً على حدود ما قبل توحيد البلاد عام 1990 في أفضل حال، بعد أن وقف "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي أعلن أنه يسعى لـ"إقامة دولة جنوبية"، وجهاً لوجه مع "العُقدة" الأكبر في طريق المشروع، المتمثلة بالمسألة الحضرمية، التي ينادي أصحابها بـ"حضرموت" مستقلة ذاتياً، عن الشمال والجنوب. وهو ما يعني أن الدولة التي يدعو إليها انفصاليو الجنوب في عدن ومحيطها قد لا ترى النور، بعد 27 عاماً من اختفائها بتوحيد شطري اليمن بدولة واحدة.


وخلال اليومين الماضيين، أظهرت ردود الفعل المعلنة، على قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي، بإقالة ثلاثة محافظين أبرزهم محافظ حضرموت أحمد بن بريك، أن المجلس الجنوبي أمام تحدٍ وجودي، من الممكن أن يعيده إلى إطار الجنوب (عدن ومحيطها) وقد يؤدي إلى اندثاره، بعد أن لاقى قرار إقالة بن بريك، ترحيباً من أوساط حضرمية رافضة لدخول حضرموت في إطار "المجلس الجنوبي"، ومتمسكة باستقلال حضرموت كإقليم.

وفيما أعلن "المجلس الانتقالي الجنوبي"، أن القرارات التي أصدرها هادي يوم الخميس الماضي، مرفوضة و"كأنها لم تكن"، يبدو أن هذا الإعلان بالرفض لن يجد صدى له في حضرموت، ما لم يكن الرفض مدعوماً من الطرف المؤثر في المعادلة، وهو الإمارات النافذة عسكرياً وسياسياً وأمنياً في حضرموت وعدن. وقد أظهرت ردود وتعليقات لجنوبيين مناصرين لـ"المجلس الانتقالي" خلال اليومين الماضيين، وجود حالة من الحيرة والارتباك من موقف أبوظبي والرياض من القرارات، التي إن لم تكن تستهدف نفوذ الإمارات، فإنها بالتأكيد تستهدف "المجلس الجنوبي".

وبالنسبة لحضرموت، فقد أظهرت أن قرارات هادي ماضية إلى التنفيذ وأنها لاقت ترحيباً واسعاً، لسبب محوري، وهو أنها تبعد المحافظ الذي اعترف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بغضّ النظر عن درجة الرضا عن المحافظ الجديد، اللواء فرج سالمين البحسني (القريب أيضاً من أبوظبي). ومن أبرز ردود الفعل الحضرمية، التي تعتبر على قدر من الأهمية، الترحيب الصادر عن وكيل أول محافظة حضرموت، الشيخ عمرو بن حبريش، وهو شخصية لها وزنها في حضرموت، ورئيس "مؤتمر حضرموت الجامع". وقد اعتبر بن حبريش أن القرارات "صائبة"، وأكد الوقوف إلى جانب الشرعية ممثلة بالرئيس هادي.



و"مؤتمر حضرموت الجامع"، هو بمثابة الإطار الجامع لحضرموت والمعبر عن مطالبها ومواقفها، وكان قد انعقد بمشاركة الآلاف في إبريل/نيسان الماضي، بعد شهور من التحضير. وفي المقابل وبعد نحو أسبوعين ولد ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي تأسس في عدن، بقيادات حاولت ضمّ حضرموت في الإطار الجنوبي بناءً على خارطة التقسيم الشطري لليمن سابقاً. ومع استمرار الرفض الحضرمي لـ"المجلس الجنوبي"، وصدور القرارات التي أطاحت بثلاثة من محافظي محافظات الشرق، والمسماة وفقاً للتقسيم الفيدرالي المقر من مؤتمر الحوار الوطني بـ"إقليم حضرموت"، أصبح مشروع انفصاليي الجنوب باستعادة "الدولة الجنوبية"، أمام التحدي الذي أبعد من أي وقتٍ مضى.

الجدير بالذكر، أن القيادات الجنوبية التي أسست "المجلس الانتقالي"، بقيادة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، حاولت استرضاء الحضارم منذ البداية. وكانت الخطوة الأولى في ذلك، الترحيب الذي تضمنه ما سمي بـ"إعلان عدن التاريخي"، بانعقاد "مؤتمر حضرموت الجامع". وفي وقت لاحق، أعلن "المجلس الانتقالي" أن الدولة المنفصلة التي يسعى لإعادتها ستكون "فيدرالية"، في محاولة لإرضاء النزعة الحضرمية المتمسكة بالاستقلال الذاتي لها كمحافظة تحتل مساحتها ثلث اليمن وكإقليم (مع شبوة والمهرة وسقطرى) يحتل أكثر من نصف مساحة اليمن.

وأظهرت التطورات الأخيرة، أن "مؤتمر حضرموت الجامع"، الإطار الذي خرج من المكلا أواخر إبريل الماضي، وجّه ضربات قاصمة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، فالحديث عن دولة فيدرالية في الجنوب، ليس كافياً ليطمئن الحضارم، الذين رأى بعضٌ منهم أن الوحدة مع صنعاء أهون منها مع عدن. بالتالي فإن مشروع "المجلس الجنوبي"، الذي أعلن سيتخذ إجراءات وخطوات عملية في الأيام المقبلة للرد على القرارات، قد يعود ليكون ممثلاً لإطار الجنوب الطبيعي ممثلاً بمحافظة عدن ومحيطها، إن لم يتفكك المجلس نتيجة الضربات القوية التي تلقاها مع رفضه في حضرموت.