حسن والأعصر... في ممر الفئران!

12 فبراير 2018
+ الخط -
في روايته المهمة، "في ممر الفئران"، يحكي الأديب الدكتور أحمد خالد توفيق عن عالم مظلم تماماً، ليله كنهاره لا يعرف أحد فيه معنى الضوء ولا الحرية، فقط الشرطة تملك الضوء الذي يمكنها من القبض على الذين سولت لهم أنفسهم محاربة هذا الظلام.. وهكذا حال المختفين قسرياً في بلادنا!

منذ عدة أيام صحوت على خبر اختفاء الصحافيين الصديقين حسن البنا ومصطفى الأعصر، وما أتعسه من صباح، تمنيت فيه أن يكون الليل قد امتد للأبد، وهو بالفعل ممتد في حياة كل المختفين قسرياً، حيث تغمى أعينهم من اللحظة التى يتم خطفهم فيها، ولا تزول الغمامة إلا بظهورهم، متهمين في هذه القضية الملفقة أو تلك، هذا في أفضل الأحوال.

شريط ممتد اختلطت فيه ذكريات حسن مع كتابات مصطفى، يمر أمام عيني كلما تذكرت أنهما الآن في قبضة أمن حاكم الدولة، لا يتعرضون للمعاملة الآدمية ولا يعاملون وفقاً للقانون، بل إنهم حتى ليسوا محتجزين في أحد الأماكن المقررة قانوناً، لا نعرف مكاناً لهم إلا من معلومة غير رسمية بنهم محتجزون بمقر الأمن غير الوطني بالشيخ زايد، وهو مقر سيىء السمعة اشتهر بالتعذيب وبكل ما هو ضد الإنسانية.

كنت أود الحديث عن الأبعاد القانونية للاختفاء القسري فلم أجد ما يقال، القانون لا يعني عند الخاطفين إلا نصوصاً معقدة، مدونة في كتب ضخمة لا يأتي من ورائها إلا وجع الدماغ، لا حاجة لهم به ولا حاجة لنا أن نتحدث عن أن الاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية، تجرمها القوانين الدولية حتى في زمن الحرب.

يا حسن لا أستوعب أنك لست هنا، أحاول جاهداً ألا أتذكر تجنباً للانهيار، ولا أستطيع، اليوم، يا صديقي وأثناء مروري في أحد شوارع طنطا، رأيت لافتة لطبيب يحمل نفس اسمك، حينها أحسست أن أحدهم قد أمسك بقلبي ثم أخذ يضغط بكل ما أُوتي من قوة حتى كاد يفجره. مزيج من التيه والغضب، جعلني حتى وأنا أكتب هذه السطور لا أعرف كيف السبيل إليك يا مولانا!

يا أعصر أتصفح هذا الموقع وذاك بحثاً عن مقال أو تقرير أو حوار يحمل اسمك فلا أجد، وهذا يعني أنك أنت أيضاً لست هنا، وهذا يا صديقى فوق قوة الاحتمال، أنت وحسن نبيلان سيزعجكما خوفنا عليكما فلا تنزعجا. إنا في بعدكما عاجزون، والعاجزون أمثالنا لا يستحقون النبل ولا الخوف.

عزيزي الضابط، أنت مسؤول عن حسن ومصطفى سواء كانوا لديك أم لدى غيرك، نطلب الكشف عن مصيرهما إن كان ذلك لا يزعجك، تراك عاجز مثلنا؟ لا أظن ذلك كما لا أظن أنه يعجبك أن تنطبق عليك جملة "بيقول معندناش وهو عنده جوه"!.
8829B9E8-34BE-4121-BEB3-AB6533784986
محمد محمود

من مواليد 1995، محام، سبق له الكتابة بعدة صحف ومواقع منها العربي الجديد وكسرة وزائد 18 واليوم الجديد وبوابة يناير.