حسام عيسى من الأكاديمي المستقل إلى مايكروفون القمع

09 مارس 2014
+ الخط -

لا أحد يعرف على وجه التحديد لماذا قررت فضائيات وصحف مصرية إطلاق لقب "الفقيه الدستوري" على الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون التجاري في جامعة عين شمس. فليس للرجل علاقة بالقانون الدستوري أصلا، لكن هذه الأمور لا تعني بشيء هؤلاء الذين يختارون الألقاب كثيرا.

ليست أزمة الدكتور حسام عيسى في انقلابه الكامل على الثورة التي شارك فيها والقانون الذي تخصص فيه، واستعذابه تبرير القمع والتعذيب والقتل، وانضمامه إلى جوقة الداعين للحكم العسكري والدفاع عن حكم العسكر بكل ما أوتي من قدرة على التعبير والتدليس، بل أزمة عيسى تكمن في انقلابه على مصدر شهرته الأساسي وهو دفاعه عن حرية الحركة الطلابية واستقلال الجامعات، وتحوله إلى أحد أبرز الداعين إلى قمع الطلاب واعتقالهم وقتلهم، ثم تبرير كل ذلك أخلاقيا بزعم الحفاظ على أمن البلاد.

شارك أستاذ القانون التجاري وأحد مؤسسي حركة "9 مارس" لاستقلال الجامعات في الثورة المصرية، وحضر أيامها المهمة جميعا وكان أحد أبرز منظريها وشخصياتها، ثم شارك في الحراك ضد حكم المجلس العسكري طوال عام ونصف العام، واختاره الثوار في الميادين ضمن شخصيات تم جمع التوقيعات في الميدان، لتسميتهم كمجلس رئاسي مدني، بدلا من حكم المجلس العسكري.

ثم شارك في تأسيس حزب "الدستور" مع الدكتور محمد البرادعي، وهو الحزب الذي تعلقت عليه الكثير من الآمال ليمثل الثورة وشبابها وأحلامها، قبل أن يتحول الحلم إلى كابوس وينقلب مؤسسو الحزب على أنفسهم، وعلى رأسهم الدكتور حسام عيسى الذي استقال من الحزب في بيان عاصف اتهم فيه قيادات معروفة في الحزب بالفساد و"الشللية".

لكن الانقلاب الأبرز في مسيرة أستاذ القانون كان بعد قبوله تولي وزارة التعليم العالي في أول حكومة بعد الانقلاب العسكري، ليصدم كل من عرفوه أو صدقوه يوما بمواقف لا تختلف عن مواقف من كان يعارضهم طوال حياته، بل ربما تجاوز من عارضهم يوما وتفوق عليهم في التناقض والتحول.

"أبلغني وزير الداخلية أن ضباطه وعساكره لم يستخدموا الرصاص الحي في مواجهة الطلاب المتظاهرين، وإنما استخدموا رصاصا (بيلسع)"، هكذا قال وزير التعليم العالي، في مؤتمر صحفي، عقب قمع الشرطة لطلاب جامعة القاهرة ومقتل أحد الطلاب برصاص الشرطة داخل الجامعة.

كان الدكتور حسام عيسى أول المنقلبين على سنوات طويلة نادى فيها باستقلال الجامعة، ففور توليه منصب وزير التعليم العالي أصدر العديد من القرارات التي تسمح بدخول الشرطة للحرم الجامعي وفض المظاهرات الطلابية، ما ترتب عليه قتل نحو 8 طلاب داخل الجامعة بالرصاص، ولم يكتف بذلك بل انقلب أيضا على زملائه الأساتذة ينكل بهم ويبلغ عنهم ويعزلهم من مناصبهم ويتهم بعضهم بالإرهاب أو التطرف.

ملمح آخر يتجاهله كثيرون في شخصية الدكتور حسام عيسى، لكن تكراره لا يمكن أبدا تجاهله، فالرجل، دائما، يهاجم الصغار ويتهم المجهولين، بينما يشدد على احترامه الشخص القوي، وينفي عنه كل النقائص، حتى ولو كانت كل المؤشرات تؤكد أنه المسؤول عن كل الأزمات.

عندما استقال من حزب الدستور غاضبا مهاجما قيادات الحزب، كان حريصا جدا على التأكيد على أن الدكتور محمد البرادعي، رئيس الحزب، شريف وعادل وليس طرفا في الفساد داخل الحزب، ثم عندما تحدث عن وزير الدفاع السيسي أكد أن صوته كان يعلو ويخبط ترابيزة مجلس الوزراء عند حديثه عن حقوق الفقراء والعدل الاجتماعي والدولة، ثم عندما استقالت حكومة حازم الببلاوي، قال إن الببلاوي عومل بقسوة غير مبررة، وكان يجب قبول استقالته عقب الاستفتاء على الدستور.

تحول حسام عيسى في السنوات الثلاث الأخيرة سريعا، من الأستاذ الجامعي المطالب بالاستقلال، والمقاوم للعسكرة والفساد، إلى الثوري المطالب بالحرية والعدالة وحقوق الشهداء، إلى الوزير المتواطئ مع السلطة العسكرية في تكميم أفواه الجامعيين، وقتل المزيد من الشهداء وتضييع حقوقهم لينتهي وقد خسر كل شيء أستاذا متفرغا في كلية الحقوق بجامعة عين شمس.

المساهمون