حزب الله وغيره

11 مارس 2016
+ الخط -
لا أحد ينكر حجم ما يمارسه حزب الله فى سورية ليل نهار، من خلال المشاركة مع النظام في القصف والتدمير والحصار، ومعهم الحرس الثوري الإيراني وعشرات الميليشيات الطائفية الأخرى من العراق وأفغانستان وباكستان، مشاهد تدمي القلوب وتبعث الأسى والحسرة، والعالم كله في صمت مطبق، في حروب هتشكوكية جاهلية، عالم أفرغ من أقل القيم الانسانية، من خلال تآمر واضح وبيّن مع النظام الأبارتيدي فى سورية، ولا أحد يحرك ساكنا، فروسيا التي لم تكن تحلم يوما بدخول سورية عسكريا، ها هي تأتى وتحيي نظاما منتهيا.
من جهة أخرى، هل ما فعله حزب الله فى سورية يقل عما فعلته بعض دول الخليج لإجهاض ثورات الشعوب ضد أنظمة الحكم التسلطية، وقد نجحت بعض الدول فى إزالة طواغيتها، ثم تم الالتفاف على الثورات ودعم الثورة المضادة والانقلابات، مثل إفشال وإيقاف للمسار الديمقراطي فى مصر ودعم عمليات القتل العشوائي والاختفاء القسري والاعتقالات الجماعية، يقل عما فعله حزب الله فى سورية؟ أو ما يفعله الحوثيون فى اليمن، واليمن مثل مصر عانت من دعم إفشال الثورة والتضييق على الإسلاميين هناك، وإفساح المجال لجماعة الحوثي، ثم الاكتواء بنارهم، ومن خلال دعمهم الانقلابي خليفة حفتر ومحاولة العودة بليبيا القذافي، وترك العراق مرتعاً خصباً للطوائف والمليشيات الشيعية، ومعاقبة كل من يقف مع الثورة فى البلدان العربية، أو يدعمهم أو يدعم حق الشعوب فى العيش بحرية وكرامة.
هل هؤلاء عندما فكروا فى فعل ذلك، كان لديهم أدنى حس ديني أو أخلاقي أو حتى وطني؟ وهل يمكن لأحد، بعد ذلك، أن يلوم حزب الله، وهو الذي تحول لاعبا إقليميا له حسابات سياسية فى المنطقة! فالذين يدعون أنهم سنة، وأنهم يمثلون السنة لا يدعمون سوى من يقتل السنة أو يعتقل أو يعرقل، بينما حزب الله لم يفعل خمسين في المائه مما فعلته بعض دول الخليج من دعم الخراب وإجهاض الثورات ومساندة كل طاغية وديكتاتور فى المنطقه.
سيأتى يوم، ويندم هؤلاء على هذا الإجرام، وإيران الآن تحوز أكثر من أربع عواصم عربيه، وحزب الله إذا نظرنا إلى دوره فى سورية من الناحية البراغماتية السياسية، سنعلم أنه يعمل من أجل مصلحته المتمثلة فى بقاء نظام الأسد، ومحاولة لعب دور في المنطقة. لكن، من المنظور نفسه: ماهي البراغماتية السياسية التي ستستفيد منها هذه الدول من دعم القتل والخراب فى مصر وليبيا مثلا؟ أليس من مصلحة السعودية والخليج بشكل عام وجود أنظمة حكم ديمقراطية قوية منتخبة من شعوبها للوقوف فى وجه المد الإيراني في المنطقة، لكن أين ذلك الموقف؟ أين ذلك، والدول مجهضة ومدمرة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا؟ وهل مصر بثقلها تستطيع الآن أن تنظر إلى الخارج، وفيها ما فيها من فقر وبطالة ومشكلات سياسية وأمنيه خطيرة جدا؟ أليس هذا عبث؟
من يفكر بهذا المنطق لا يدرك أي معرفة سياسية، ولا يفهم أوراق اللعبة جيدا، وهل هناك شخص يذهب ليحارب شخصاً آخر، وهو فى بيته يحارب، فهتلر أدرك أنه لا يستطيع خوض أي حرب، والأحزاب فى بلده منقسمة، فعمل على احتضان جميع الأحزاب وجيّشها من أجل خوض الحرب.
أحلام الشعوب أصبحت كوابيس تشبه الأفلام الهوليودية، بعد أن استطاع المخرج تحويلها من جنه خضراء وافرة ينعم الجميع بظلالها إلى مدينة أشباح، لا وجود فيها إلا لمن يملك، ولديه القدرة على الدفع، وما أشبه الليلة بالبارحة؟
avata
avata
أحمد الشريف (مصر)
أحمد الشريف (مصر)