تنتظر الساحة السورية مرحلة انكفاء للدور الإيراني، ومعه حزب الله، نتيجة التدخل الروسي المباشر على المستويين السياسي والميداني. وأمام لاعب دولي بهذا الحجم لا بد من تسجيل تراجع على مستوى اتخاذ القرارات وإدارة الملف السوري وسحبه من جعبة الإيرانيين الممسكين فعلياً بأرض النظام السوري والضامنين لأمنه واستمراره. بدا هذا التراجع واضحاً في الإطلالة الأخيرة للأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، والذي بدا أكثر هدوءاً وتعامل برويّة وواقعية مع الملف السوري ولو أنه لا يسعه سوى تكرار لازمة فشل السياسة الأميركية في سورية وإفشال مؤامرة إسقاط عصب رئيسي في محور "الممانعة".
هذه الواقعية فرضت أساساً على الحزب، ومن خلفه الإيرانيون، السير في المفاوضات حول مناطق الزبداني والفوعة وكفريا إلى حين إتمامها. كذلك أدت هذه الواقعية دوراً رئيسياً في طرح قيادة حزب الله مجموعة من التساؤلات حول ضرورة استمرار مجموعاتها المسلحة في الحرب السورية وإمكانية بدء تقليص هذه المشاركة العسكرية، نتيجة إدراك المتغيّرات السياسية في هذا الملف والوصول إلى قناعة بأنّ لا حسم مطلوباً من أي جهة دولية.
هذه الواقعية فرضت أساساً على الحزب، ومن خلفه الإيرانيون، السير في المفاوضات حول مناطق الزبداني والفوعة وكفريا إلى حين إتمامها. كذلك أدت هذه الواقعية دوراً رئيسياً في طرح قيادة حزب الله مجموعة من التساؤلات حول ضرورة استمرار مجموعاتها المسلحة في الحرب السورية وإمكانية بدء تقليص هذه المشاركة العسكرية، نتيجة إدراك المتغيّرات السياسية في هذا الملف والوصول إلى قناعة بأنّ لا حسم مطلوباً من أي جهة دولية.
اقرأ أيضاً: الحلّ السوري...مراعاة المعطى الروسي بلا تغييرات جذرية بمعسكر الثورة
مما لا شكّ فيه أنّ الحزب استنزف عسكرياً وسياسياً وبشرياً طوال السنوات الثلاث الماضية، إلا أنّ خطوة تراجع ميداني بهذا الحجم من شأنها تكريس فكرة الهزيمة العسكرية لحزب الله في سورية ولو حافظ الحزب على سقف خطابات الانتصارات الإلهية. وتأتي التطوّرات الميدانية والسياسية الأخيرة المتمثلة بالحركة الروسية – التركية - الأميركية، والحديث عن المرحلة الانتقالية الجديدة في سورية، لتؤكد بشكل قاطع ألا حسم في المعارك، ما من شأنه كبح الاندفاع العسكري لكل الأطراف الأساسية وأولها حزب الله. إلا أنّ هذا الواقع لم يمنع الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، خلال إطلالته على شاشة "المنار" (المحطة التلفزيونية التابعة للحزب)، من التأكيد على استمرار حزبه في القتال في سورية، مضيفاً أنه "لو عاد الزمن إلى الوراء لكان حزب الله عجّل بالدخول الى سورية وما تأخر".
وتقول الواقعية الميدانية والسياسية إنّ المتغيّرات فرضت حصول تسوية الزبداني. وما يجدر قوله في هذا الإطار إنّ هذه البلدة السورية الصغيرة الواقعة بين الحدود اللبنانية والعاصمة السورية، أقفلت معمل الانتصارات العسكرية والميدانية لحزب الله في سورية. بعد أكثر من ثمانين يوماً على انطلاق هذه المعركة جاء التفاوض ومعه التسوية التي وضعت حداً للقتال وكرّست وقف إطلاق النار وبدء مرحلة "الترانسفير" السكاني المزدوج بين الزبداني من جهة وكفريا والفوعة من جهة أخرى.
اقرأ أيضاً: اتفاق الزبداني... قوة المعارضة وضعف النظام والقرار لإيران
وفي حال صحّت هذه المعلومات تكون خسائر الحزب البشرية قد تجاوزت 160 قتيلاً منذ بدء مطلع أغسطس/آب الماضي. وعلى الرغم من هذه التكلفة، فإنّ الحزب لم يتمكّن من حسم المعركة الدائرة على مساحة 15 كيلومتراً مربعاً من البساتين والأحياء السكنية. لم يأت الحصار بالنفع، ولا حشد آلاف المقاتلين حول المدينة من الحزب وجيش النظام وسائر المليشيات الحليفة الأخرى. حتى "الخبرات" العسكرية الإيرانية لم يكن لها نتائج حاسمة على هذا الصعيد، وكذلك البراميل التي أسقطتها المقاتلات بمعدل عشرين برميلاً في اليوم. وكان الحزب ممسكاً بأكثر من عشرين نقطة عسكرية في محيط الزبداني من أصل عشرات النقاط التي استخدمت للقصف المدفعي وانطلاق محاولات التقدم والتوغّل في البلدة.
أما من جهة المجموعات السورية، فإنها خسرت ما لا يقلّ عن 300 مقاتل، بالإضافة إلى جرح 400 آخرين ليبقى ما يقارب ثلث المقاتلين مستمرين في القتال إلى حين توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، باعتبار أنّ عديدهم منذ بدء المعركة لم يتجاوز الألف مقاتل، بحسب ما تقول مصادر في المعارضة السورية لـ"العربي الجديد".
وبذلك تكون الزبداني قد انضمّت إلى المعارك الأخرى التي فتحها حزب الله مع المجموعات السورية على طول الخط الحدودي الشرقي مع سورية، من دون أن يتم فيها الحسم، على غرار معارك قرى منطقة القلمون الغربي السوري وجرود عرسال والقاع اللبنانيين (على الحدود أيضاً)، وهي معارك أعلن الحزب عن انطلاقها منذ يونيو/حزيران الماضي وظلّ الحديث الإعلامي عنها متسمراً إلى أن انطفأ بفعل تجمّد الحركة العسكرية.
اقرأ أيضاً: مصدر بالمعارضة السورية مكذباً نصرالله: لم يهتم بالفوعة