حزب "التحرير الإسلامي" المحظور في روسيا.. تحت الطلب

04 اغسطس 2014
تُعتبر القرم منطقة خصبة لحزب التحرير (ماكس فيتروف/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
يجد "حزب التحرير الإسلامي"، المصنّف في روسيا كمنظمة إرهابية، نفسه في وضع إشكالي، بين الزنازين وقفص المحاكمات والطلب المحتمل على مقاتليه، حتى من قبل السلطات الروسية، في حال تطور الصراع الأوكراني وشمل شبه جزيرة القرم، التي انضمت إلى روسيا في مارس/ آذار الماضي.

وفي إشارة إلى الضغوط المتزايدة على الحزب، فقد حكمت محكمة روسية، في 30 يوليو/ تموز الماضي، على عناصر تنتمي إلى الحزب، في موسكو، بأحكام بالسجن تتراوح بين 7 سنوات و11 عاماً، بتهمة "الإعداد للاستيلاء على السلطة في روسيا"، وبجرائم أخرى على علاقة بالنشاط الإسلامي المتطرف. كما جاء في خبر نشرته وكالة "إنتر فاكس" الروسية.
وشملت الأحكام، عزيز بيك إيناموف (37 عاماً)، وشاميل إسماعيلوف (40 عاماً)، وسيف الله قربانوف (34 عاماً)، وذكر الله رحمن خوجاييف (38 عاماً).
ولم تقتصر المحاكمات على موسكو، فقد شملت تشليابنسك، التي وجّهت محكمتها في 26 يوليو الماضي، تهمة "الإرهاب" لستة من عناصر الحزب، وفق ما أعلن عنه المكتب الإعلامي للجنة التحقيق في روسيا، على موقعه الرسمي "سليدكوم.رو".
فوفقاً لمعطيات التحقيق، قام المتهمون، في 27 سبتمبر/ أيلول 2013، في أماكن كثيرة بمنطقتي سنترالنايا وتراكتورنوزافودنيا، وفي المساجد، بتوزيع أوراق وكراسات تدلّ على نشاط متطرف وتمثل دعاية للحزب المحظور في البلاد، بناءً على قرار المحكمة الفيدرالية، الصادر في 14 فبراير/ شباط، 2003.
فقد اتهمت المحكمة الفيدرالية الحزب، بناءً على أدبياته، بـ"العمل على التخلّص من الحكومات غير الإسلامية، وإقامة الحكم الإسلامي في العالم أجمع، عبر خلافة إسلامية عالمية". كما اعتبرت أن الحزب "يقوم بدعاية إسلامية متشددة، جنباً إلى جنب مع الدعوة لعدم التسامح تجاه الأديان الأخرى، والتجنيد النشط للأنصار، والعمل الهادف إلى خلق انقسام في المجتمع". علماً بأن للحزب خلايا في مدن كبرى، في أواسط روسيا، وفي منطقة الفولغا وسيبيريا والقرم.

مقاتلون تحت الطلب

وفي مقابلة أجراها معه مركز "كاسبيان بريدج لتحليل المعلومات"، في كازاخستان، تحدث الخبير في شؤون الأمن، فيكتور ميخائيلوف، عن أن "حزب التحرير وجماعة التبليغ، يُعدّان ممراً إرهابياً نحو كازاخستان، وآسيا الوسطى". كما اعتبر أن "مهمة حركة تركمنستان الإسلامية، واتحاد الجهاد الإسلامي، وحركة أوزبكستان الإسلامية، وجماعة الصابرين، خارج أفغانستان وباكستان، هي تجنيد مقاتلين جدد لهذه العصابات لإرسالهم لاحقاً إلى سورية، حيث يمكن اليوم اكتساب خبرة قتالية متخصصة. وأرجو الانتباه إلى أن مراكز التجنيد العاملة ضمن روسيا تنشط جداً وسط العمالة المهاجرة من آسيا الوسطى. فهناك جملة عوامل اليوم تسهّل جذب الشباب المسلمين إلى مقاتلين في صفوف تلك التنظيمات. وهذه العوامل يستغلها بنجاح مبعوثو العصابات الأفغانية والباكستانية في روسيا"، حسبما نقل عنه موقع المركز الإلكتروني "كاسبيانيا.أورغ".

وحول بدايات نشاط التنظيمات الإسلامية الراديكالية في فضاء الاتحاد السوفييتي السابق، أشار الى أن "المبعوثين الأوائل من منطقة الشرق الأوسط، ظهروا في البداية في غرب كازاخستان، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وحينها ظهرت أولى أدبيات حزب التحرير. لكن مبعوثي الجماعات الإسلامية المتطرفة لم يأتوا فقط من البلدان العربية. فهناك أدبيات كثيرة نشرها حزب التحرير الإسلامي، في بداية التسعينيات، كان مصدرها بريطانيا وتركيا. وقد جرى الانتهاء من تأسيس حزب التحرير في غرب كازاخستان، في نهاية تسعينيات القرن الماضي".
وفي إجابة عن سؤال عمّا إذا كانت هناك علاقات بين خلايا هذه التنظيمات في شمال القوقاز، ومنطقة الفولغا، وما إذا كانت تنسّق عملها حول بحر قزوين، أجاب ميخائيلوف، مقتبساً عبارة لرئيس مركز "الشرق الأوسط في موسكو"، يفغيني ساتانوفسكي، أنه "إذا كان المشروع مدفوع الأجر فسيتحقق".
وأضاف: "يجب أن لا نغفل عن أن القوات المسلحة الروسية، قد تضطر إلى مواجهة قوات مقاتلة، أكثر استعداداً بكثير من المتمردين الشيشان، الذين واجهتهم في منتصف ونهاية عقد التسعينيات، ناهيك ببواعثها العقائدية. فالقضاء على الإسلاميين المتطرفين الذين يعيشون في الجهاد، ويحلمون بأن يصبحوا شهداء، ليس مهمة قتالية بسيطة".

الولايات المتحدة: الحزب ليس إرهابياً

وفي تدوين سيرة "حزب التحرير الإسلامي"، يذكر موقع عقدة القوقاز "كافكاز-أوزيل.رو"، أن "تأسيسه جرى في العام 1953 في القدس الشرقية، من قبل قاضي المحكمة الشرعية هناك، تقي الدين النبهاني. وبعد وفاة النبهاني، سنة 1977، صار الفلسطيني، عبد الكاظم زلّوم، أميراً له، ومع وفاة الأخير سنة 2003، تحولت إمارة الحزب إلى عطا أبو الرشتة".
ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، مارس حزب "التحرير الإسلامي"، نشاطاً دعائياً كبيراً في فضائه السابق، واكتسب أنصاراً يتراوح عددهم بين عشرين وثلاثين ألفاً. وفي عام 1998، تم رفع أول قضية بحق عناصره في أوزبكستان، ثم، جرت أول حملة اعتقالات كبيرة في صفوفه، عام 1999 بعد تفجير إرهابي في طشقند.


ويقدّر خبراء، وفقاً لموقع "كافكاز-أوزيل.رو"، أعداد أعضاء هذا التنظيم في العالم اليوم، بنحو مليون عنصر. وفي عام 2013، أثناء مؤتمر أقيم في مدينة سيمفيروبل، جرى الحديث عن 58 بلداً ينشط فيه الحزب، منها 8 جمهوريات سوفييتية سابقة: أذربيجان، وكازاخستان، وقيرغيزيا، وروسيا، وأوزبكستان، وأوكرانيا، وطاجيكستان، وتركمنستان.
كما ينشط الحزب في 21 بلدا آسيوياً: أفغانستان، وبنغلاديش، وفلسطين المحتلة، والهند، وإندونيسيا، والعراق، وإيران، واليمن، وقطر، والصين، والكويت، ولبنان، وماليزيا، وعمان، والإمارات العربية المتحدة، وباكستان، والسعودية، وسورية، وتركيا، وسيريلانكا.
ووجد مكاناً له في 13 بلداً أوروبياً: النمسا، وبلجيكا، وهولندا، وبريطانيا، وألمانيا، والدانمرك، وقبرص، والنرويج، وبولندا، وفنلندا، وفرنسا، وسويسرا.
ويعمل الحزب في 13 بلداً أفريقياً: الجزائر، وجيبوتي، ومصر، والصحراء الغربية، وليبيا، وموريتانيا، ومالي، والمغرب، والصومال، والسودان، وتونس، وأرتيريا، وإثيوبيا، كما يعمل في كندا والولايات المتحدة (التي لم تدرجه على قوائم الارهاب)، ويُصنّف في عدد من دول آسيا الوسطى وألمانيا وروسيا، بـ"المنظمة الإرهابية".

مقاتلون إسلاميون تحت الطلب
وعن إمكانية استخدام مقاتلي حزب التحرير من قبل روسيا في الصراع الأوكراني، قال فيكتور ميخائيلوف: "المقاتلون الذين يمكنهم القتال في ظروف خاصة، سوف يلقون رواجاً، أكثر فأكثر، مع انتشار استخدام تشكيلات غير رسمية (أي خاصة). ولا أريد أن أبدو متشائماً، ولكن يبدو لي أننا على عتبة انتشار نزاعات عسكرية محلية عدة، سوف تلعب فيها تشكيلات المقاتلين الخاصة، دوراً رئيساً في تحقيق أهداف مختلف أطراف النزاع".
وأضاف، بخصوص احتمالات تطور الصراع في أوكرانيا: "الحرب الأهلية اليوم في أوكرانيا، تؤكد الطلب على مقاتلين محترفين. وأود أن ألفت عناية خاصة لشبه جزيرة القرم. ففي حال حدوث مواجهة عسكرية حول شبه جزيرة القرم بين روسيا وأوكرانيا، فمن الضروري أن نفهم كيف سيتصرف عناصر حزب التحرير"، فقد وجدوا من أكثر من عشرين عاماً، نقطة انطلاق جيدة لنشاطاتهم هناك. فإلى أي درجة سيوالي هؤلاء الإسلاميون روسيا وجيشها؟ ثم، هل يمكن أن يتحولوا إلى ذلك الطابور الخامس، الذي يروج الحديث عنه هذه الأيام؟ فعناصر حزب التحرير، في القرم بالذات، يمكن أن يضمنوا لجهاديي التشكيلات الخاصة من بلدان رابطة الدول المستقلة، الخبز والملح".

دلالات