يخلي القتال أو الاقتتال المسرح لأنواع من السلوك العنفي والعام الذي لا يقيم أي اعتبار للحياة المدنية وقواعد الحياة التي يعيشها أي مجتمع وهو في حال السلم. ينطبق الأمر على التعليم وتوفير فرصه، كما ينسحب إلى الاهتمام بالتربية السليمة والتغذية الصحية والرعاية والترفيه وغيرها. منطق الحروب يقوم على الغلبة والقهر وتوفير مختلف الوسائل لـ"الانتصار" وفرض الإرادة، مهما كان الثمن فادحاً.
معه، تصبح المدارس مخازن أسلحة أو مراكز تجمّع للمقاتلين. في أحوال مشابهة تصير التجهيزات المدرسية حطباً للوقود، بما فيها الكتب والدفاتر والأقلام والمقاعد، ومساكن للمهجرين من بيوتهم المدمرة. أما الملاعب فتصبح مجرد مساحات تعج بأطفال من مختلف المراحل العمرية، شاء حظهم أن يخلوا بيوتهم ويصبحوا نزلاء المكان.
لاحظت منظمة الأونيسكو، في الأعوام الأخيرة، أنّ عدد الطلاب خارج المدارس تراجع بنسبة 40%، وهو رقم جيد باعتباره يعني المزيد من فرص التعليم. لكن في نفس الإحصاء سجلت أن واحداً من بين كل أربعة أطفال مهدد بترك المدرسة. قد يكون السبب في ذلك هو الرسوب المدرسي أو التسرب. إلا أن هذا كله لم يكف حتى اندلعت حروب كما النار في الهشيم. قد يكون الوضع انقلب على نحو دراماتيكي، وتحولت الإيجابيات القليلة إلى سلبيات كارثية. وهنا نتحدث عن عدة ملايين من الطلاب لا عشرات أو مئات الألوف.
يقول تقرير مشترك لكل من اليونيسكو واليونيسف إن الأطفال العرب المهددين بالخروج من المدارس يقاربون ستة ملايين. نضيف إليهم 3 ملايين في سورية والعراق من المهجرين والنازحين. العدد الأصلي قبل انفجار الحروب كان يتحدث عن 12.3 مليون طفل هم خارج المدارس. إذا أضفنا هذه الأرقام إلى بعضها البعض نصل إلى رقم 21.3 مليون طفل.
هذه الملايين قد تكون أمية على نحو كامل. وهنا لا نتحدث عن الأمية التي يراها خبراء الأونيسكو اليوم بما هي عدم إجادة اللغة الإنجليزية والكمبيوتر، بل عن أمية خام، أي لا تملك الحد الأدنى من معرفة القراءة والكتابة بالعربية. وهو ما ينطبق على عدة ملايين إضافية من الذين يغادرون المدارس قبل بلوغ مرحلة القراءة وفهم نص ما، مهما كان بسيطاً.
هناك أجيال تفقد حياتها على نحو حرفي، بمعنى الموت البيولوجي، فيما هناك ملايين من أصحاب هذه الأعمار يفقدون حياتهم في ظل فقدانهم أبسط مقومات العيش في هذا العصر، بما هو العلم البدائي. ولا نتحدث عن التعليم المتوسط أو الثانوي أو العالي أكاديمياً أو مهنياً. وهنا مصدر الكارثة المديد.
*أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانية
إقرأ أيضاً: العام الدراسي والتحدّيات المجتمعية
معه، تصبح المدارس مخازن أسلحة أو مراكز تجمّع للمقاتلين. في أحوال مشابهة تصير التجهيزات المدرسية حطباً للوقود، بما فيها الكتب والدفاتر والأقلام والمقاعد، ومساكن للمهجرين من بيوتهم المدمرة. أما الملاعب فتصبح مجرد مساحات تعج بأطفال من مختلف المراحل العمرية، شاء حظهم أن يخلوا بيوتهم ويصبحوا نزلاء المكان.
لاحظت منظمة الأونيسكو، في الأعوام الأخيرة، أنّ عدد الطلاب خارج المدارس تراجع بنسبة 40%، وهو رقم جيد باعتباره يعني المزيد من فرص التعليم. لكن في نفس الإحصاء سجلت أن واحداً من بين كل أربعة أطفال مهدد بترك المدرسة. قد يكون السبب في ذلك هو الرسوب المدرسي أو التسرب. إلا أن هذا كله لم يكف حتى اندلعت حروب كما النار في الهشيم. قد يكون الوضع انقلب على نحو دراماتيكي، وتحولت الإيجابيات القليلة إلى سلبيات كارثية. وهنا نتحدث عن عدة ملايين من الطلاب لا عشرات أو مئات الألوف.
يقول تقرير مشترك لكل من اليونيسكو واليونيسف إن الأطفال العرب المهددين بالخروج من المدارس يقاربون ستة ملايين. نضيف إليهم 3 ملايين في سورية والعراق من المهجرين والنازحين. العدد الأصلي قبل انفجار الحروب كان يتحدث عن 12.3 مليون طفل هم خارج المدارس. إذا أضفنا هذه الأرقام إلى بعضها البعض نصل إلى رقم 21.3 مليون طفل.
هذه الملايين قد تكون أمية على نحو كامل. وهنا لا نتحدث عن الأمية التي يراها خبراء الأونيسكو اليوم بما هي عدم إجادة اللغة الإنجليزية والكمبيوتر، بل عن أمية خام، أي لا تملك الحد الأدنى من معرفة القراءة والكتابة بالعربية. وهو ما ينطبق على عدة ملايين إضافية من الذين يغادرون المدارس قبل بلوغ مرحلة القراءة وفهم نص ما، مهما كان بسيطاً.
هناك أجيال تفقد حياتها على نحو حرفي، بمعنى الموت البيولوجي، فيما هناك ملايين من أصحاب هذه الأعمار يفقدون حياتهم في ظل فقدانهم أبسط مقومات العيش في هذا العصر، بما هو العلم البدائي. ولا نتحدث عن التعليم المتوسط أو الثانوي أو العالي أكاديمياً أو مهنياً. وهنا مصدر الكارثة المديد.
*أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانية
إقرأ أيضاً: العام الدراسي والتحدّيات المجتمعية