كرّس العقد الأخير نمطاً جديداً من العمل والبرمجة في القنوات الفضائية العربية. حيث دخلت المنافسة حيّزاً مأساوياً وصادماً. فقد حفلت القنوات الفضائية بمجموعة من البرامج المشابهة. ولو أن وتيرة هذه البرامج كانت ضعيفة قياسًا إلى اليوم. "نشرة الأخبار الفنية" ولدت في أكثر من محطة فضائية عربية، بدأتها شركة روتانا، مع خطة برامجية، تراجعت مع تراجع المحطة السعودية، واتجاهها إلى السوق المصري. اليوم انتهت النشرة الفنية ببرنامج ضعيف بعنوان "عرب وود" يذاع بشكل يومي على قنوات روتانا، بعدما استنسخت مجموعة من القنوات الفكرة وقدمتها في قالب إخباري يختلف قليلاً في الأسلوب.
محطة MBC الفضائية استوردت النسخة العالمية من برنامج ET وحولته إلى نشرة يومية باتت مصدراً للأخبار الفنية لدى المواقع الضعيفة. إمكانيات ضخمة وضعتها المحطة في إنتاج هذا البرنامج من أجل الحصول على خبر فنّي حصري أصبح يستحوذ على اهتمام المشاهد كمصدر موثق بالأخبار والمعلومات التي تُعرض بشكل يومي، ومحاولة عادية من قبل المحطة في السيطرة على سوق الأخبار الفنية، لا تلبث أن تصطدم بحاجز الـ"سوشال ميديا" وصفحات الفنانين أنفسهم وهي تُشكل اليوم مصدراً هامًا للمعلومات والأخبار الفنية.
قبل أيام خرجت محطة MTV اللبنانية لتعلن أنها "سرقت" من زميلتها LBCI برنامج وحفل تنظيم ملكة جمال لبنان للسنة المقبلة، الإعلان يأتي بعد أسبوع واحد من تتويج LBCI لملكة جمال لبنان 2017 بيرلا الحلو.
محطة المرّ أي MTV، التي حاولت من قبل، تقليد LBCI متأثرة بنجاحها خصوصاً وأن تلك الاخيرة تأسست قبل ثلاثين عاماً وكانت اول محطة لبنانية خاصة بعد نشأة تلفزيون لبنان بداية الستينيات من القرن الماضي، فازت بتنظيم حفل ملكة جمال لبنان 2018، وعلم أن وزارة السياحة سمحت أن يكون الحدث بالتداول سنة لـ MTV وسنة لـLBCI.
أسئلة كثيرة تطرح نفسها أمام هذا التنافس، وما اذا كان مجديًا بالفعل أم مجرد "زكزكة" بين المحطتين، وسرقة الواحدة الأخرى، لكن الواضح أن MTV اللبنانية تحاول القيام بمبارزة شقيقتها لأسباب كثيرة، ومنها الفوز بجمهورها ، والتقدّم بما تقول عنه MTV بأنه نوعية، خصوصاً لجهة التقنيات العالية التي تتمتع بها المحطة. ونذكر قبل عامين نالت MTV الحق في اعادة عرض برنامج "ديو المشاهير" الذي يستعد لموسم ثان على القناة نفسها قريبًا، فيما سرقت LBCI فكرة برنامج "هيدا حكي" المبني على فن "ستاند آب" أسبوعي، واختارت التوقيت نفسه لعرضه لتكون على تنافس دائم مع شقيقتها حول من يفوز بأكثر نسبة مشاهدة مساء كل يوم ثلاثاء.
هذه الصورة لا تقتصر على الفضائيات اللبنانية، قناة CBC المصرية حاولت لثلاث سنوات المشاركة كمنتج منفذ في برنامج "ستار أكاديمي" الذي انطلق عبر محطة لبنانية، وهو تابع لشركة "اندمول" العالمية. ثلاث سنوات حجزت CBC لنفسها مكانًا على خارطة برامج المنوعات الشبابية، وأهدت للقاهرة مواهب مصرية فازت في ختام البرنامج لموسمين. سباق عربي على لقب افضل فنان أو مغن لا يزيد عمره عن 25 عاماً ما أكسب المحطة بعداً جماهيريًا واضحاً لسنوات، لكن الخسائر التي أصابت الاعلام العربي عموماً حالت دون الابقاء على "ستار اكاديمي" أو استمراره واقفال شركة "اندمول" في منطقة الشرق الأوسط.
وكانت محطة MBC قبل ست سنوات عمدت إلى إعادة تقديم برنامج "سوبر ستار" بنسخة عربية مستعينة باسم برنامج في الولايات المتحدة، وحمل عنوان "ARAB IDOL". محاولة قلبت معادلات برامج المواهب بعدما اختير عدد من نجوم الغناء المعروفين لاتخاذ مكان لجنة التحكيم، فكان أول ظهور لراغب علامة، والفنانة أحلام كحكام على كرسي IDOL ما اكسب التجربة تفاعلاً كبيراً على صعيد الجمهور
لكن MBC لم تكتف بهذا القدر، فاستطاعت أن تحجز لنسخة يتيمة من برنامج "X FACTOR" الذي قدمته شركة روتانا لموسمين عام 2006 و2007، لكن الطرح الروتاني ظل أسير التقاليد العادية لأي برنامج مواهب. حتى جاءت به MBC وقدمت منه نسخة واحدة.
في المقابل، كان استنساخ البرامج التي يُقدمها المغنون حالة تخطت المنافسة، وأصبحت أشبه بالموضة التي اجتاحت العديد من القنوات المصرية والفضائية، أصالة التي بدأت قبل سنوات ببرنامج "صولا" الذي قدمته لأربع سنوات على محطة دبي، وكذلك على محطة أبو ظبي، لتلحق بها الفنانة لطيفة في برنامج أُعد سريعاً على قناة MBC بعنوان "الدنيا غنوة" وتفتح شهية باقي المغنين على نهج البرامج الحوارية، اليمنية أروى قدمت مجموعة من البرامج الحوارية "آخر من يعلم" ثم "نورت" وغيرها من البرامج على الفضائيات المصرية، وصولا الى شيرين عبد الوهاب التي طمعت مثلها مثل زميلاتها فقدمت قبل أقل من عام "شيري استديو" على قناة DMC المصرية، ولحقتها مؤخراً الفنانة أنوشكا في تجربة لها بعد الغناء والتمثيل في برنامج حواري بعنوان " صالون أنوشكا" يقدم على فضائية DMC .
وبالتالي يبدو واضحاً أن الاستنساخ أو الافكار المستوردة من الغرب لم تعد تقتصر على "فورما" عالمي بل أصبحت الأفكار العربية عرضة للسرقة والاستنساخ من قبل المحطات العربية نفسها.