تواصل القوى السياسية في تونس ضغطها لتجنب الضربة العسكرية المُحتملة على ليبيا، ومحاولتها تقديم حلول سياسية بديلة لوقف التدخل العسكري الأجنبي.
وعلى هامش الندوة الصحافية التي عقدتها اليوم السبت حركة الشعب، قال القيادي في الحزب والنائب في البرلمان سالم الأبيض لـ"العربي الجديد" إن "هذه الحرب حددتها قوى غربية ترى أن الحالة السياسية الليبية قد تنعكس عليها سلبياً في الفترات القادمة، وأن من قرر التدخل العسكري في ليبيا هي القوى الأطلسية التي تشعر بتهديدات نتيجة قرب أوروبا من ليبيا، وربما أيضا تشعر بهذه التهديدات باعتبار ليبيا بوابة للهجرة السرية، والخوف أيضا من عملية تدافع كبيرة قد تضيف أزمة أخرى إلى جانب أزمة اللاجئين السوريين في أوروبا".
ويرى الأبيض أنه "بالنسبة إلى تونس فإن حجم الخطر القادم من الأزمة الليبية الحالية أقل بكثير من حجم الخطر الذي سينتج عن التدخل العسكري".
وأضاف الأبيض أن "كل تدخل من القوى الأطلسية في أي بؤرة صراع يزيد من تعميق الأزمة ويحولها إلى حالة فوضى عارمة بعد أن يتركوها، ومن يجني السلبيات هي الدول المجاورة على غرار تونس إذا حصلت الضربة العسكرية في ليبيا".
وأكد الأبيض أن حركة الشعب ترفض "بشدة هذا التدخل الأجنبي في ليبيا"، مطالباً "بحل سياسي وترك الليبيين يحسمون قضاياهم بأنفسهم ويحاربون الإرهاب، لأن أغلبهم ضد الإرهاب وضد وجود داعش في ليبيا".
اقرأ أيضاً: وزير الدفاع التونسي: لا خوف من تسلل الـ"إرهابيين"
من جهته قال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، في تصريح خصّ به "العربي الجديد" إن "تداعيات الوضع الليبي على تونس ليست جديدة بل هي موجودة منذ سنة 2011، أي منذ التدخل العسكري في ليبيا وإسقاط نظام معمر القذافي، وهي تداعيات أمنية واجتماعية"، مضيفاً أن "هذه التداعيات السلبية ستتعمق بعد الضربة العسكرية المُحتملة على ليبيا".
ويعتقد المغزاوي أن "الحكومات التونسية المتعاقبة بعد الثورة لم تتعامل مع الأوضاع في ليبيا تعاملا سليما، ما جعل التداعيات أخطر على تونس"، ولهذا دعت حركة الشعب منذ مدة "لضرورة عقد مؤتمر دولي للجوار الليبي أي تونس والسودان والجزائر ومصر والتشاد والنيجر".
وشدّد المغزاوي على أن "التدخل الأجنبي في ليبيا هدفه ليس القضاء على الدواعش بل تقسيم ليبيا ونهب ثوراتها، وبالتالي ستكون النتائج وخيمة على كل المنطقة، وربما ستكون الجزائر وتونس في مرمى الحجر"، موضحاً أن ما "حدث مؤخراً في بن قردان على الحدود التونسية الليبية مؤشر على خطورة الأوضاع في ليبيا، ولذلك فالتعامل مع هذا الوضع أمر ضروري، فلا أمن اليوم لتونس خارج الأمن القومي العربي وخارج أمن الجزائر وليبيا".
واعتبر الخبير في الشأن الليبي المنصف وناس لـ"العربي الجديد" أن "هناك العديد من الحلول والإمكانيات لتجنب الحرب على ليبيا، من أهمها الإرادة الأميركية التي بإمكانها وقف التدخل العسكري"، لكن وناس يرى أن "أميركا لا تبحث عن تدخل سلمي بل تبحث عن تدخل عسكري لما يخدم مصالحها الاستراتيجية في المنطقة على حساب الشعوب العربية".
ويعتقد وناس أنه "يمكن تجنب الحرب في ليبيا فهي ليست قدرا محتوما ولكن بشرط أن تتوفر إرادة دولية، وبالذات إرادة أميركية، صادقة في إيجاد حلول سلمية وسياسية تجنبنا الحرب، ولكن هذه الإرادة للأسف غير متوفرة والذهاب بسرعة إلى الحرب يخدم المصالح الاستراتيجية والقومية الأميركية ولا يخدم مصالح الشعب الليبي".
ويرى وناس أن هناك حلولا أخرى عاجلة وآجلة أهمها "إيقاف ضخّ الأسلحة والذخائر والمقاتلين والأموال إلى مقاتلي "داعش" والضرب على أيدي الدول والمنظمات ورجال الأعمال الذين يمولونهم، وتحميل المسؤولية للدول التي تحتضن الإرهاب الداعشي ومخاطبتها لإيقاف ذلك، ثم الضغط وإجبار القوى السياسية والدينية في ليبيا للحوار والخروج بأرضية مشتركة".
أما على المدى البعيد فيرى المنصف وناس أنه "لا بد من إعادة بناء الجيش الليبي وتجميع الأسلحة وإدماج المليشيات من خلال حكومة قوية وإرادة سياسية داخلية مدعومة بإرادة سياسية خارجية للخروج من هذه المِحنة العميقة".
اقرأ أيضاً: طرابلس تستعيد زمام المبادرة: معادلة "الحلول المشتركة" لإنقاذ ليبيا