لليوم الثالث على التوالي تستمر ظاهرة تمزيق وحرق وسرقة صور المرشحين للانتخابات العراقية، وسط عجز الشرطة العراقية التام عن ضبط المتورطين، أو إيقاف التجاوزات التي تطاول الدعايات الانتخابية. ووفقاً لمنظمة معنية بشؤون الانتخابات يوجد نحو ثلاثة ملايين يافطة وصورة وبوستر بعموم مدن العراق، بمعدل 300 لكل مرشح في الانتخابات.
وقال مسؤول بوزارة الداخلية العراقية لـ"العربي الجديد" اليوم الإثنين، "إن مفوضية الانتخابات طلبت منا المساعدة في كبح اعتداءات المواطنين بتمزيق الصور أو حرقها وسرقة الإطار الخشبي أو الحديدي الذي يحويها". وبيّن أن "نحو ألفي مرشح من مختلف الأحزاب والتوجهات السياسية في عموم مدن العراق سجلوا شكاوى في اليومين الماضيين تتعلق بتمزيق صورهم أو سرقتها"، لافتاً إلى أن "هذه الحوادث شملت مدن إقليم كردستان أيضاً، ما يعد تطوراً جديداً".
ووفقاً للمسؤول ذاته الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن الانتخابات السابقة شهدت عمليات تمزيق أو إتلاف محدودة لكن هذه المرة تعد الأوسع، رافضاً اعتبار ذلك عملاً ممنهجاً أو مخططاً له من قبل جماعات معينة بل هو "رد فعل المجتمع على يأسهم من أن تحمل الانتخابات الحالية أي تغيير".
وقال أحمد السعدي عضو منظمة "بغداد المدنية"، إحدى المنظمات المعنية بمراقبة الانتخابات في العراق، لـ"العربي الجديد"، "إن غالبية الاعتداءات على الصور بتمزيقها أو اقتلاعها في حالة البوسترات الكبيرة، ويسرق الحديد والخشب الموجود فيها، وهناك اتهامات للحدادين أنفسهم الذين يعدّون وينصبون إطارات وقواعد الصور، ثم يتلفونها كي يعود المرشح إليهم مرة أخرى. في حين يتهم آخرون سكان العشوائيات والمناطق الفقيرة بتلك السرقات". ويتابع "التمزيق رد فعل اجتماعي وهذا واضح لكن عمليات حرق وسرقة الإطار الحديدي والخشب فأعتقد أنه فعل متعمد".
ولم تقف الظاهرة عند تمزيق الصور فحسب بل شملت عبارات وكتابات بالطلاء ترد على المرشحين مثل "شعاراتك الآن نفس شعاراتك قبل 10 سنوات"، و"كذاب لا تصدقوا به"، و"العراق بخير إذا ترحلون"، و"لو كان البرلماني بلا مرتب ما رشحتم".
أحمد أبو حسنة (36 عاماً) يسكن مدينة الصدر ضاحية بغداد الشرقية، يقول لـ"العربي الجديد"، إنه مزق ثلاث صور مرّ من جوارها بالصدفة حتى لا ينخدع الناس بالمرشح.
ويضيف "عمري 36 عاماً، وحتى الآن لم أتزوج ولم أعثر على عمل، وأسكن في منزل مساحته 50 متراً مربعاً مع أهلي البالغ عددهم 12 شخصاً. ولم نحصل من انتخابات 2006 أو 2010 أو 2014 على شيء، فهل نحن مجانين لننتخب نفس الأشخاص للمرة الرابعة بنفس الشعارات التي وعدونا بها". ويشير إلى أنه قرر تمزيق أي صور لمرشحين يشاهدها أمامه وفي وضح النهار.
أحد ناخبي تحالف "سائرون" في محافظة بابل جنوب العراق قال لـ"العربي الجديد"، إنه اكتشف تورط الحداد الذي قام بإعداد 200 بوستر له بالوقوف وراء حرق وسرقة صوره. ويضيف "أرسل أبناء أخته ومزقوا ست صور لي، وسرقوا الحديد حتى اضطر وأعود إليه ليصنع لي غيرها"، مؤكداً أنه سجل شكوى ضده في مركز الشرطة.
ناشطون قالوا إن عمليات تمزيق وحرق الصور تجري بثلاثة وجوه، أولهم مواطنون غاضبون ويائسون من التغيير، والثاني أن بعضهم يسرقون الحديد لمنافع خاصة، والثالث هم مرشحون يناكفون منافسين لهم.
ويقول الناشط المدني ميثم الحياوي، موضحاً "مع بدء العد التنازلي للانتخابات التشريعية في البلاد بدأت عمليات حرق وتمزيق وسرقة بوسترات ويافطات كبيرة للمرشحين في مختلف المدن العراقية، أغلبها كانت من مواطنين غاضبين من تردي أوضاع البلاد تعبيراً عن يأسهم".
ويوضح الحياوي لـ"العربي الجديد" أن "هناك عمليات حرق وتمزيق للصور ينفذها مرشحون آخرون منافسون عبر أنصارهم، لكن الشارع العراقي متخوف من أن تتحول هذه الظاهرة إلى نزاع مسلح بين الأحزاب والكتل السياسية في ظل انتشار المليشيات المسلحة". ولفت إلى أن سارقين ومحتاجين يستفيدون من الحديد الموجود في إطار الصورة، والذي يبلغ سعره نحو 8 دولارات في كل صورة.
ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في العراق في 12 مايو/ أيار 2018 بحسب مرسوم جمهوري صدر بهذا الخصوص.