لم تكد معركة فك الحصار عن حلب، التي أطلقتها فصائل "جيش الفتح" و"الجيش السوري الحر" تبدأ، عصر أمس الأحد، حتى تفاعل المدنيون في أحياء المدينة المحاصرة ومختلف القرى والبلدات التي تسيطر عليها المعارضة السورية، مع مجرى سير المعارك.
تظاهراتٌ داعمة لمقاتلي المعارضة، عمت المدينة، فيما غطت سُحبٌ من الدخان الأسود السماء، بعد أن أشعل السكان عشرات الإطارات المطاطية، ساعين إلى التشويش على طيران النظام الحربي والمروحي الذي كان يحلّق بالتزامن مع المعارك البرية.
وشهدت معظم أحياء حلب الشرقية، وبعض البلدات والقرى التي تسيطر عليها المعارضة السورية في ريف المحافظة، خلال ساعات المعارك، نشاطات مدنية بالتزامن مع سير العمليات العسكرية.
كما أن المدنيين هناك لم يكتفوا بمتابعة التطورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام، بل سارع المئات منهم للنزول إلى الشوارع، رافعين علم الثورة السورية ولافتات كُتبت عليها عبارات مثل: "مطالبنا معروفة.. نريد معبراً لكل السوريين إلى طريق الحرية"، و"حلب الشهداء.. صامدون لا محاصرون.. نحن من اختار الصمود".
كما ردد المتظاهرون، وفق مشاهد الفيديو التي بثها ناشطون على الإنترنت، هتافات لطالما سُمعت أصداؤها في مختلف المناطق السورية مع انطلاق الثورة سنة 2011، مثل: "الشعب يريد إسقاط النظام"، مؤكدين خلال تظاهرات أمس، دعمهم لمقاتلي "الجيش الحر" و"جيش الفتح"، الذين كانوا يخوضون أشرس المعارك على الأطراف الجنوبية لمدينة حلب.
وتمكّن المقاتلون من السيطرة على تلالٍ ونقاطٍ عسكرية كانت خاضعة لقوات النظام والمليشيات الأجنبية التي تقاتل معه، ووصلوا إلى منطقة "مشروع الـ1070 شقة" التابع إدارياً لحي الحمدانية، مقتربين بذلك من فتح طريق إمداد جديد للأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب.
وإلى جانب المظاهرات التي خرجت دعماً لمقاتلي المعارضة السورية، كان لافتاً يوم أمس، قيام السكان في مناطق سيطرة المعارضة، بإشعال مئات الإطارات المطاطية، سعياً منهم إلى التشويش على طائرات النظام الحربية والمروحية، التي كانت تحلق في سماء حلب بالتزامن مع المعارك.
وأوضحت مشاهد مصورة بثها ناشطون في حلب على الإنترنت، كيف غطت سُحب كثيفة من الدخان الأسود، الناتج عن إشعال المدنيين إطارات السيارات في عدة مناطق، وغصت مواقع التواصل الاجتماعي بصور عشرات الأطفال الذين قاموا بذلك، إذ أطلق بعض الناشطين عليهم صفة "كتيبة الدفاع الجوي"، متهكمين بذلك على وجود قرار دولي يمنع إمداد المعارضة بأسلحة الدفاع الجوي.
وفي هذا السياق، أوضح الناشط الإعلامي منصور حسين، لـ"العربي الجديد"، أن "فكرة إشعال الإطارات بدأت من مجموعة أطفال بشكل عفوي، وكانوا متحمسين لتقديم ما يمكن من دعم للثوار، ثم بدأت الظاهرة بالتوسع سريعاً"، مشيراً إلى أن ذلك "بدأ في أحياء حلب الشرقية، وامتد لاحقاً ليشمل باقي مناطق الريف المحرر في حلب وشمالي إدلب" القريب من مناطق المعارك.
وأضاف حسين، المتواجد في حلب، أن "المدنيين ضمن المناطق المحاصرة في حلب ما زالوا يتشبثون بالأمل وقدرة مقاتلي الريف على فك الحصار عنهم، وهم منذ اليوم الأول للحصار يعلمون جيداً أن الحصار كان بعد عملية إحراق كاملة لمنطقة الكاستيلو. ومازاد من عزيمتهم هو إدراكهم أن اجتماع كل من روسيا وإيران وحزب الله والنظام بقواتهم ومليشياتهم، لم يتمكنوا من التقدم إلا لمسافة لا تتجاوز الـ3 كيلومترات، بعد أشهر من المعارك. وبالتأكيد فإن الثوار الذين منعوهم من التقدم خلال الأشهر الماضية، سيكون بإمكانهم استرجاع ما خسرته المعارضة مؤخراً".
من جهته، قال الناشط الإعلامي ماجد عبد النور، يوم أمس، إن "أجواء الفرحة تعم المناطق المحررة في حلب"، وبينما ظهر في مشاهد مصورة وحوله عشرات المدنيين الذين كانوا يشعلون الإطارات المطاطية "تفاعلاً مع غزوة حلب الكبرى للتشويش على الطيران الحربي الذي أحرق هذه المدينة"، قال "ليس الثوار وحدهم الآن من يخوضون المعارك في حلب، المدنيون معهم أيضاً، أقسم أني أعيش ثورة 2011".